طباعة

" سيد مكاوي ".. الكفيف الذي هز عرش الإذاعة المصرية

الأحد 01/07/2018 04:38 ص

مريم مرتضى

سيد مكاوي

ترك بأعماله بصمة لا تُمحى في التراث الفني المصري، إذ تميز بأسلوب فريد لم ينافسه فيه مطرب آخر على الرغم من أنه عاصر عمالقة آخرون في مجال التلحين والغناء إلا أنه احتفظ بنكته الخاصة التي جعلت من وفاته خسارة حقيقة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني، إنه نجم المونولوج الأول " سيد مكاوي".

ميلاده ونشأته 
وُلد سيد مكاوي في أسرة شعبية بسيطة في حى الناصرية بالقاهرة في 8 مايو 1926م, ولازمه ضُعف البصر من صغره حتى تمكن منه العمى في التاسعة من عمره تقريبًا، مما شجع أسرته لدفعه إلى طريق القرآن الكريم، فكان يقرأه ويؤذن للصلاة في مسجد أبوطبل ومسجد الحنفي بحي الناصرية، وما أن تماثل لسن الشباب، حتى إنطلق ينهل من تراث الإنشاد الديني من خلال متابعته لكبار المُقرئين والمُنشدين آنذاك، كالشيخ إسماعيل سكر والشيخ مصطفى عبد الرحيم وكان يتمتع بذاكرة موسيقية جبارة، فما إن يستمع للدور أو الموشح لمرة واحدة فقط، سرعان ما ينطبع في ذاكرتة الحديدية، وكانت والدتة تشتري له الأسطوانات القديمة من بائعي الروبابيكيا بالحي، بثمن رخيص ليقوم بسماعها إرواءًا لتعطشه الدائم لسماع الموسيقى الشرقية.
سيد مكاوي
سيد مكاوي


رحلته الأسطورية

في بداية حياته العملية، كان سيد مكاوي يعطي الغناء أغلبية وقته، وكان يسعى لأن يتم تسجيله بالإذاعة المصرية، التي تقدم لها بالفعل في أوائل الخمسينيات، ونجح في الاختبارات و تم اعتماده كمطرب بالإذاعة و كان يقوم بغناء أغاني تُراث الموسيقى الشرقية على الهواء مباشرة في مواعيد شهرية ثابتة، ثم تم تكليفه بغناء ألحان خاصة وذلك بعد نجاحه في تقديم ألحان التراث ولعل من مفارقات القدر، أن تكون أول أغانية الخاصة والمسجلة بالإذاعة ليست من ألحانه هو بل من ألحان صديقة المُقرب الملحن الناشيء في هذا الوقت الفنان "عبدالعظيم عبد الحق" والأغنية هي "محمد"، والثانية كانت للملحن "أحمد صدقي" وهي "تونس الخضرا"، وهُما الأغنيتين الوحيدتين التي غناهما سيد مكاوي من ألحان غيره، وبعد ذلك بعدة سنوات بدأت الاذاعة المصرية في معاملته كملحن محترف، إلى جانب كونه مطربًا و بدأت بإسناد الأغاني الدينية إليه والتي قدم من خلالها للشيخ محمد الفيومي الكثير من الاغاني الدينية مثل "تعالى الله أولاك المعالي" و "آمين آمين" و "يا رفاعي يا رفاعي قتلت كل الافاعي" و "حيارى على باب الغفران" حتى توجها بأسماء الله الحسنى، كما قدم أغاني شعبية خفيفة مثل "آخر حلاوة مافيش كدة" و "ماتيالله يا مسعدة نروح السيدة" و الاغنيتان للشاعر الراحل عبد الله احمد عبد الله و كانت بدايتة مع الفنان محمد قنديل في أغنية "حدوتة" للشاعر صلاح جاهين رفيق كفاح سيد مكاوي.


ابتكار مقدمات غنائية للمسلسلات

عندما رأى مكاوي مدى الإقبال الجماهيري على الأعمال الاذاعية، حاول اقناع المسئولين بالإذاعة بضرورة تطوير شكل المسلسلات الإذاعية بعمل مُقدمات غنائية لها، فكان له الفضل الأول في وضع هذة القاعدة و قدم من خلالها عشرات المقدمات الغنائية لمسلسلات شهيرة للفنان أمين الهنيدي و محمد رضا و صفاء أبو السعود مثل مسلسل شنطة حمزة و رضا بوند و عمارة شطارة و حكايات حارتنا و غيرها الكثير، وحاول سيد مكاوي مراعاة، أن تكون المقدمة الغنائية في شكل كوميدي و يتمتع بخفة ظل حيث كان هو شخصيًا خفيف الظل و من ظرفاء عصرة و قد كانت هذة المقدمات من تأليف صديقيه الشاعران عصمت الحبروك و عبدالرحمن شوقي.


سيد مكاوي المسحراتي
أسندت الإذاعة لسيد مكاوي تلحين عدد من حلقات المسحراتي، و أشترط أن يقوم هو بغنائها وقرر الإستغناء نهائيًا عن الفرقة الموسيقية، و تقديم المسحراتي بالطبلة المميزة لتلك الشخصية، و قدم سيد مكاوي ثلاث حلقات فقط مُشاركة مع باقي الملحنين وحققت نجاحًا حلقاته نجاحًا منقطع النظير مما حدا بالاذاعة في العام الذي يلية إلي الإستغناء عن كل المُلحنين المشاركين في ألحان المسحراتي و إسناد العمل كاملًا للشيخ سيد مكاوي، وظل يقدم المسحراتي بنفس الاسلوب حتى وفاته وهو أسلوب على بساطتة الشديدة يُعتبر بصمه فنية هامة في الكلمات و محطة من المحطات اللحنية المُتفردة في التُراث الموسيقي الشرقي.



وفاته 

كتب القدر موت سيد مكاوي في نفس يوم ذكرى وفاة صديقه وتوأمه الفني، صلاح جاهين، حيث توفى مكاوي في 21 أبريل عام 1997م، بعد أن ترك لمكتبة الموسيقى العربية كنوزًا سواء بأغنيات بصوته أو بتلحينه وبأصوات عظماء الغناء العربي. 
سيد مكاوي وصلاح جاهين
سيد مكاوي وصلاح جاهين