طباعة

بعد سقوط الإخوان.. "داعش" سلاح أردوغان الجديد في مصر

الجمعة 20/07/2018 10:25 م

عواطف الوصيف

عواطف الوصيف

مصر.. قلب الوطن العربي، أساس يعتمد عليه الجميع سند يساعد على حل مختلف المشكلات على مستوى المنطقة، لذلك تكون من أكثر البلاد المستهدفة، والمحاطة بالمخاطر من كل جانب، أملا يطمع فيه الجميع، إما لتكون وسيلة لضرب الدول المجاورة لها، أو لتحقيق هدف يتعلق بنواح تاريخية قديمة.

مصر على مدار التاريخ
مرت مصر على مدار تاريخها بالعديد من الأمور، وطمع فيها مختلف حكومات الغرب، وأحتلها الكثيرون، وفي الوقت الذي أرتوت فيه أرضها بدماء أبناءها من الأبرار الذين قرروا الاستشهاد والتضحية بأنفسهم دفاعا عن وطنهم، كانت أيضا مقبرة لكل الغزاة، الذين طمعوا فيها، وخلال السطور المقبلة سنتناول مرحلة هامة من تاريخ مصر، وفي حقيقتها تشكل خطورة غير عادية خلال المرحلة الآنية، إن لم ينتبه لها سنشهد نتئج خطيرة، سيصل حد تأثيرها إلى درجة محو الهوية المصرية تماما.

مصر العثمانية
من المعروف أن الحرب العثمانية المملوكية، كانت في الفترة من 1516 إلى 1517، أي أنها استمرت عام كامل، وتمكنت خلالها الدولة العثمانية، من ضم سوريا تحت وطأتها، لتأتي مصر بعدها وتكون جزءا من دولة الخلافة العثمانية، وعلى الرغم من أنه وبسبب المماليك ان هناك صعوبة على السلاطين من ممثلي الفكر العثماني السيطرة على حكم مصر، لكن هذا لا يمنع من أنها ومن الناحية الأسمية والظاهرية، تحت حكم دولة الخلافة العثمانية، وهنا يكمن السر.

نتاج صهيوني أمريكي
من المعروف أن داعش والقاعدة وطالبان، هم في حقيقة الأمر نتاج من المؤامرات الصهيو أمريكية، والتعاون المشترك بين إسرائيل وواشنطن، فمثل هذه التنظيمات وببساطة تحقق أهدافهم وأحلامهم، فالولايات المتحدة على سبيل المثال، ومن خلال مثل هذه التنظيمات تجد الحجة القوية التي تساعدها على التدخل في الشأن الداخلي لمختلف الدول العربية، وهو ما يحدث بالفعل الآن ونجده مترسخا في سوريا والعراق، واليمن بسبب الحوثيين، وهي تحاول أن تتظاهر بالطيبة وأنها تفكر في رواح الضحايا ممن يلقون حتفهم، لكنها في حقيقة لا تريد شيئا سوى إقحام نفسها، فهي لا تفكر في حال أحد أو في حال العرب، لذلك فإن مثل هذه التنظيمات الإرهابية، تحقق أهداف واشنطن من أن تبقى هي الإمبراطورية العظمة صاحبة الشأن الأقوى.

مصالح إسرائيل
تدرك إسرئيل جيدا كم الخسائر التي تعود عليها، بسبب الحروب التي تخوضها، فمن خسائر في العتاد والسلاح، والأرواح بين الجنود، هذا بخلاف كم الانتقادات التي توجه ضدها من قبل الجيش الإسرائيلي والشعب أيضا، ولعل حربها ضد حزب الله، التي حدثت عام 2006، والتي عرفت بـ"حرب الوعد الصادق"، خير دليل على ذلك، فقد وصل الحال بجنود القوات الإسرائيلية أن يطالبوا حكامهم بالإتفاق مع حزب الله، للوصول إلى حق نظرا لما كانوا يواجهونه، هذا بخلاف انتقادات الشعب الإسرائيلي، وها نحن نشهد الآن أمهات أسرى إسرائيل، وهم يصفون حكومة نتنياهو الحالية بأنها فاشلة ويناشدون حماس لاستعادة ابناءهم، لذلك لن تدخل إسرائيل في أي حرب لتحقيق حلمها القديم، "دولة إسرائيل من النيل للفرات"، طالما أن هناك تنظيم مثل "داعش"، فهو وسيلتها في سوريا والعراق وسيناء، لتحقيق حلمها القديم وتطبيق برتوكلاتها، "إسرائيل من النيل للفرات"، وهناك من الأدلة ما يثبت ذلك.

إسرائيل ومواجهة داعش
هل من الممكن أن تكون قدرات إسرائيل العسكرية، أقل من مسلحي "داعش"، والإجابة بالطبع أنها لا، لذلك يتراوح للذهي سؤال أخر يعد أكثر أهمية، ما الذي يمنع إسرائيل من محارية مسلحي مثل هذا التنظيم في سوريا، رغم تواجد قوتها وإنتشارهم في الجولان، وما الذي يمنع إسرائيل من محاربة "داعش" في العراق وسيناء على الرغم من أنها قادرة على ذلك والإجابة بسيطة وهي أن هذا التنظيم يرسخ مصالح إسرائيل بمنتهى البساطة، ويحق حلمها القديم، "إسرائيل من النيل للفرات"، دون الدخول في أي حرب قد تكبدها الكثير "عتاد وسلاح وجنود، وأنتقادات اضا".

أروغان ودولة الخلافة
بالتأكيد تنتبك علامات الاستفهام عزيزي القاريء، وتريد أن تعرف عن السر الذي يربط بين مصر وداعش وإسرائيل وواشنطن ودولة الخلافة وما غير ذلك، لكن لا تتعجل.

كانت مصر وسوريا ضمن دولة الخلافة العثمانية مثلما نوه خلال السطور السابقة، وعلى الرغم من انتهاء هذا الزمن منذ أمد، إلا إننا نجد رئيس تركي يلقبونه "طيب أردوغان"، يريد عودة هذا الحلم، يريد أن تعود دولة الخلافة العثمانية مجددا، يريد، أن يعيد ما يظن أنه كان حقا لأجداده وقد سلب منه، يعيد ببساطة مصر وسوريا مرة أخرى، وكان حلمه كاد يتحقق لولا 30 يونيو.

الإخوان وحلم أردوغان
من الصعب على الرئيس رجب طيب أردوغان أن يكشف عن أنيابه بشكل صريح، ويتحدث عن اطماعه، ويوضح أنه يريد عودة حلم أجداده وعودة مصر وسوريا ليكنا تحت جعبته، لكن ما يمكنه القيام به، هو الاستعانة بـ"شماعة" تساعده، وهو ما حدث بالفعل، فقد عمل على الاستعانة بالإخوان، حينما تولوا حكم مصر، وحاول استغلالهم لتحقيق هدفه وهو أن تعود مصر تحت جعبته، وتحت وطأة دولة الخلافة، لكن هبت ثور 30 يونيو، لتحمي مصر أولا وتقضي على حلم أروغان.

تساؤلات وعلامات استفهام
أعرف أن هناك من سيختلفون معي، نظرا لتأييدهم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وللإنسان حقه في إبداء رؤيته ووجهة نظره، لكن اتركنى أعرض عليك عزيزي القاريء سلسلة من التساؤلات، ونبحر فيها معا، لعلنا نجد تفسير للعديد من الأمور الغامضة، لقد تمكن أردوغان من الإنتشار في تركيا، بعد أن قرر اقتحام "عفرين السورية" ودخل حلب ومنبج وغيرها من المناطق السورية، ومع ذلك لم يحاول أن يواجه "داعش" أو يصطدم بها، ولم يوجه لها أي ضربة ولو بسيطة، كما أنه وعلى الرغم من دخوله للعراق لم يفعل نفس الشيء، ولم يصطدم بأيا من مسلحي هذا التنظيم، والسؤال هنا، هل كان من الصعب على الرئيس التركي أن يجد هؤلاء المسلحين، أم أنه شعر أن قدراته العسكرية كانت اقل منها فخشى على نفسه، وحتى وإن تجاهلنا هذه النقطة، فهناك محور أخر خطير جدا جدا، فداعش كتنظيم حلمه تطبيق دولة الخلافة الإسلامية، وفرض سيطرتهم على مختلف المناطق العربية وهجوم الرئيس التركي بقواته على سوريا، وإتنشاره فيها مع العراق، يعني تهديد لهم وعدم تطبيق هدفهم، لأن ذلك سيمنحه القوة والسيطرة عليهم،، ومع ذلك لم يحاول أيا منهم مهاجمة أردوغان أو الوقوف ضده، أو التعرض له أو مجرد الإحتكاك، والسؤال.. "لم".

لحظة
ليس القصد إلقاء الإتهامات، أو مجرد قصفا بالكلمات دون برهان، لكن وحينما نجد وخلال هذه الأونة تحول غريب من قبل أردوغان واستعادة علاقاته مع إسرائيل وإلقاء سوريا بعيدا، ونسيان فلسطين وما بدر من قوات الإحتلال، والإنتقادت التي تغنى بها أردوغان، لابد وأن نتأكد من أن كل محاولاته لم تكن سوى تظاهرا بالشجاعة، وحينما نجح في الانتخابات، عاود اتصالاته مع الدولة التي ستحقق له أهدافه، وحينما نلاحظ أن "داعش" لم تحاول إيذاء تركيا بأي شكل من الأشكال، ولم يبدر نفس الشيء من أردوغان، يستلزم إذا أن نربط الأحداث، وأن نفكر في الماضي، وحلم الخلافة العثمانية، التي يراود الرئيس التركي، والذي يريد أن يعيده من جديد، لتكون له السلطة والسيادة في المنطقة، وليعيد أمجاد الماضي، وأن داعش عبارة عن وسيلة لتحقيق هذا الهدف.

ختاما
أبطال القوات المسلحة في سيناء الآن، يحاربون من أجل تطهير الأرض من رموز الفساد الداعشية، ويصونون العرض، ولهم منا كل تقدير وإحترام، لكن لابد أن نتذكر بأن هذه الرمزة لا تزال متواجده، ولا يزال حلم الخلافة العثمانية يراود أردوغان، وأن مصر كانت من ضمن هذه الدول، لذلك فهذه الحرب لابد وأن نشارك فيها جميعا، وأن نعاون أبناء القوات المسلحة في حربهم الباسلة، لأن ذلك سيكون دفاعا عن الهوية في المقام الأول.