طباعة

صلاح أبو سيف .. الأب الروحي للسينما الواقعية في مصر

الأحد 22/07/2018 08:01 ص

وسيم عفيفي

صلاح أبو سيف

ما بين كتاب وثورة خاسرة ولدت أحلام فنانين أسسوا مدارس للواقعية في عالمهم ، على رأسهم صلاح أبو سيف طالب حقوق في قلب مدينة النور " باريس " يقرأ كتابا لجوزيف برودون ، فيتغير مصيره ، وشاب آخر في القاهرة يقرأ كتابا عن السينما ، فيتغير مصيره ، نعم انه " جوستاف كوربيه" المولود عام 1819 و " صلاح أبو سيف " المولود عام 1915 م.

عاشا هؤلاء فترة من الصراعات السياسية بين الانتكاسة للثورة التي أطاحت بالنظام الملكي الفرنسي سنة 1789 ، والتي ساهمت في تحولات سياسية واجتماعية كبري في تاريخ أوربا ، ثم جاء" نابليون بونابرت " عام 1799 وأعاد الملكية ووضع نفسه إمبراطورا علي فرنسا ، وثورة 1919 في مصر ، وعودة سعد زغلول من المنفى ووضع دستور 1923 والانقلاب عليه في 1936.

حيث تمرد “كوربيه" علي المدرسة الكلاسيكية ، واهتم بمشاكل المجتمع وذهب إلي رسم العمال والفلاحين والفقراء ،كما أعتبر الرسم فنا ملموسا لا يمكن أن يعبر إلا عن أشياء واقعية كما هي دون تجميل ، بينما " صلاح أبو سيف " أستقي أصول المدرسة الواقعية من أستاذة " كمال سليم " قبل أن يطور مفرداته ويؤسس المدرسة الواقعية في السينما المصرية .

وبعد انتقاله عن طريق المخرج " نيازي مصطفي " للعمل في المونتاج في استوديو مصر ، لم ينفصل يوما عن مجتمعه ، وبعد تقديم عمله الأول " دائما في قلبي " من بطولة عقيلة راتب وعماد حمدي عام 1946 بعد عودته من روما وتأثره بالسينما الواقعية الإيطالية ، قدم أول أفلامه الواقعية عام 1951 من إنتاجه بعد أن رفضه النقاد ، خوفا من عدم نجاحه ، ليحقق فيلم " لك يوم يا ظالم " نجاحا كبيرا ساحقا يسمح بتقديم " الأسطى حسن " عام 1952 عن قصة لفريد شوقي وسيناريو وحوار السيد بدير و " أبو سيف " والبطولة لفريد شوقي وهدي سلطان ، وأيضا فيلم " الحب بهدلة " وفيلم " ريا وسكينة " ي عام 1953 لأنور وجدي وإسماعيل ياسين ، وفي عام 1957 قدم " شباب امرأة " لشكري سرحان وتحية كاريوكا وشادية .

أما عن " كوربية " فقدم رسم لوحة " جنازة أورنانز " 1850 وقد أحدثت هذه اللوحة جدلا بين الأوساط الاجتماعية ، حيث رسم الفلاحين جنبا إلي جنب مع الأغنياء والقساوسة وفي الحجم الطبيعي ، ومنذ ذلك الحين أصبح للفلاحين قوة سياسية ومعنوية كبيرة وذلك أثار العداء علية من قبل الطبقة الحاكمة ، وكذلك اعتنق صلاح أبو سيف في كل أفلامه مضطهدي عصره ومهمشيه ، فاستعرض مشاكل المرأة في أفلام " شباب امرأة " ، " أنا حرة " ، " بداية ونهاية " " الزوجة الثانية " كما استعرض مشاكل الطبقة الوسطي الغالبة علي المجتمع في أفلام مثل " القاهرة 30 " و " بداية ونهاية " و " القضية 68″ الذي مثل اضهاد السلطة ، وقدم مشاكل الفلاحين في أفلام " المواطن المصري " حيث لم تغب الثورة عن الفنان الذي انطلقت مدرسته السينمائية مع ثورة يوليو ، ليقدم فيلم " البداية " .

ومن أهم ما تميز به سينما صلاح أبو سيف هو قدرته علي استخدام الرموز ليعبر بها عن الواقع وكان علي وفاق تام مع الأديب " نجيب محفوظ " وقدم هذا الثنائي الكثير من الأفلام سويا مثل " المنتقم " و " مغامرات عنتر وعبلة " و " الطريق المسدود " ، وكان أبو سيف هو الذي فتح باب الأستوديو لرفيق الإبداع عام 1945 ، وقال أبو سيف عن ذلك في حديث صحفي : " قلت له أن في أدبه تعبير قويا بالصور ، وبناء دراميا ، وأن هذا هو الأساس في السيناريو البناء والتعبير بالصور بقيت هذه الأعمال كي ترفع وتخلد أسم رحل عن قلوبنا ولكن لم يرحل عن عقولنا ، رحل " صلاح أبو سيف " في 22 يونيو عام 1994 ، وبقي حاضرا برمزه بيننا حتى الآن ورحل بعد أن قدم 40 فيلم وعرضت أفلامه في أهم المهرجانات " كان " و " فينسيا " و " برلين " .