طباعة

"ثقافة الجزائر قبل الاحتلال الفرنسي وبعده" كيف كانت وإلى أين صارت ؟

الجمعة 03/08/2018 09:03 ص

وسيم عفيفي

الجزائر زمان

"اعذروني .. فأنا أتحدث الفرنسية لا العربية .. لأن فرنسا غيرت لهجتي"
هكذا جسد أحمد بن بلة رئيس الجزائر، تأثير الاحتلال الفرنسي على الهوية الجزائرية، مما يعطي سؤالاً .. كيف كان وضع الجزائر قبل العام 1830 م من الناحية الثقافية ؟.
الكلام عن ثقافة الجزائر يأتي من خلال كتاب الدكتور خالد النجار عن حركة بن باديس الثقافية والتي جاءت بعد الاحتلال الفرنسي للدولة.
قبل الاحتلال الفرنسي انتشرت المدارس والمعاهد والزوايا في مختلف نواحي الجزائر، وقد اشتهرت مدن قسنطينة والجزائر وتلمسان وبلاد ميزاب في الجنوب بكثرة المراكز التعليمية، مثل مدارس الثميني والداوودي والقشطولي.

مساجد الجزائر
مساجد الجزائر
كان من نتائج هذا الانتشار الواسع لمراكز التربية والتعليم، أن أصبحت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، فقد كتب الجنرال فالز سنة 1834م بأن كل العرب الجزائريين تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، حيث إن هناك مدرستين في كل قرية.
وصل عدد المدارس في الجزائر سنة 1830م، إلى 2000 مدرسة ما بين ابتدائية وثانوية وعالية، ويذكر الرحالة الألماني فيلهلم شيمبرا ميزة الجزائر في المتعلمين قال "لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب".
عملية التغريب التي فعلها الاحتلال الفرنسي بدأت حين اقتحموا مدينة قسنطينة في شمالي أفريقيا، أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم، بالإضافة إلى مصادرة الأوقاف الإسلامية و المدارس الجزائرية ويدلل ذلك تقرير اللجنة الاستطلاعية التي بعث بها ملك فرنسا إلى الجزائر يوم 7 يوليو سنة 1833 م، حيث قال "ضممنا إلى أملاك الدولة سائر العقارات التي كانت من أملاك الأوقاف، واستولينا على أملاك طبقة من السكان، كنا تعهدنا برعايتها وحمايتها".
على مستوى اللغة العربية، صبت فرنسا كل قوتها في ضرب كتاتيب المساجد والزوايا الصوفية، مثل ما جرى في 18 ديسمبر سنة 1832 م، حين اقتحموا جامع كتشاوه وحولوه إلى كاتدرائية القديس فيليب، وهو نفس المصير الذي لاقاه مسجد حسن باي. 

الاحتلال الفرنسي
الاحتلال الفرنسي
حرق الكتب كان علامة بارزة من الاحتلال الفرنسي، مثل قيام كتيبة الجنرال دومال، حيث حرقوا مكتبة الأمير عبد القادر الجزائري بمدينة تاقدامت في 10مايو1843م، وكان فيها من نوادر المخطوطات ونفائس المؤلفات ما لا يقدر بثمن، ونفس المصير واجهته معظم المكتبات الأخرى.
ربما كانت بارقة الأمل الموجودة في الجزائر وحاولت بقدر الإمكان الحفاظ على الهوية هي الطرق الصوفية حيث ساهمت بعض زواياها في نشر الثقافة العربية الإسلامية، كما قام كثير من رجالاتها بالتصدي للاستعمار والاستبسال في محاربته مثل عبدالقادر الجزائري.