طباعة

البابا شنودة والرئيس السادات .. قصة الصدام بين الكنيسة والنظام

الجمعة 03/08/2018 08:32 م

وسيم عفيفي

السادات يصلي وشنودة يصلي

بلعبة التوازنات السياسية التي اتخذها السادات فور توليه منصب رئيس الجمهورية ساعدت بصورة غير مباشرة فى تأجيج الصراع بين الكنيسة والنظام؛ فإطلاق البراح لقوى الإسلام السياسي من أجل ضرب التيارات الناصرية والشيوعية جعل فيما بعد ضرباً بين الإرهابيين والأقباط، زولّدت صراعات بينه وبين البابا شنودة كل هذا وإن كان يجد تبريراً عند السادات إلا أن السادات هو أول من دفع ثمن هذا الخطأ وكان الثمن حياته على أيدى هذه الجماعات.

أواخر العصر الساداتى كان صعبا على التيارين الليبرالي والإسلامى بل وطالت الخصومة كل الأقباط فكما اعتُقل من التيار الليبرالي في قرارت 5 سبتمبر 1981 كلا من فؤاد سراج الدين وصلاح عيسى ومحمد حسانين هيكل وعمر التلمساني وأحمد المحلاوي وعبدالحميد كشك، اعتقل أيضا من التيار المسيحي البابا شنودة الثالث وفصله من منصب البطريركية.

لم تكن خصومة السادات مع البابا شنودة وليدة عام 1981 بل تمتد جذورها إلى أوائل سبعينيات القرن الماضى وتحديدا عام 1972 م، أي بعد تنصيب الأنبا شنودة بابا للكنيسة بعام واحد حين وقعت أزمة الخانكة في 6 نوفمبر 1972 عندما أضرم مجهولون النار فى دار جمعية الكتاب المقدس التى كان يتخذها أهالي مركز الخانكة من الأقباط كنيسة بغير ترخيص لإقامة الشعائر الدينية وبعد الحريق بستة أيام ذهب إلى الخانكة عدد كبير من القساوسة وبعض المواطنين من الأقباط وساروا إلى مقر جمعية أصدقاء الكتاب المقدس المحترق وأقاموا شعائر الصلاة فيها.

تجمع فى مساء نفس اليوم عدد كبير من المواطنين فى مسجد السلطان الأشرف وخرجوا فى مسيرة احتجاج على ذلك ونُسِب فيها إلى غالى أنيس أنه أطلق أعيرة نارية فى الهواء على رؤوس المتظاهرين من مسدس مرخص فتوجه بعض المتظاهرين إلى مسكن هذا الشخص وإلى أماكن أخرى وأشعلوا فيها النار دون أن تقع إصابات.

وبعدها بأيام شكل مجلس الشعب أول لجنة برلمانية فى تاريخه لتقصى الحقائق حول أحداث الخانكة برئاسة الدكتور جمال العطيفى وكيل مجلس الشعب، وهنا بدأت جذور الازمة بين السادات والبابا حيث ان السادات اعتبر مظاهرة الاقباط ايعازا من البابا شنودة وتحديا منه للسادات، لكن السادات لم يتخذ موقفا من البابا حيث أنه كان مشغولا بالتجهيز لحرب اكتوبر.

وصل الصراع إلى أشده بعد الحرب مباشرة لثلاث أسباب وهي
مخالفة البابا لزيارة السادات إلى اسرائيل وسجل رفضه فى كتابات ومواعظ مما جعل السادات يصاب بالذهول الذى ولد العداء حيث ان السادات لم يتصور ان يخالفه أحد والبابا شخصية كبيرة حيث أن كل الارثوذكس يشكلون غالبية فى مصر
الثانى أثناء زيارة السادات لامريكا فى بداية الثمانينيات فوجئ السادات بتنظيم مظاهرة قبطية بامريكا تندد بالاضطهاد للاقباط مما أضر بصورة السادات فارسل مبعوثون لشنودة لمنع هذا ولكن كان ذلك متأخرا مما جعل السادات يجزم بان شنودة يتحداه
الأمر الثالث الذى جعل السادات يصدر قرارا بمنع البابا من القاء درسه الاسبوعى فرفض البابا ذلك بل أصدر قرارا بدوره بعدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة وعدم استقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة عادة للتهنئة.

وقعت أحداث الزاوية الحمرا والتى خلفت 81 قتيلا مسيحيا فى عام 1981 ، والخلاف على قطعة ارض يريد المسيحين ان يبنوا كنيسة عليها واشتعلت الازمة ولكن السادات فسر تلك الحادثة بانه مياه غسيل من بلكونة مواطن على بلكونة اخرى اسفل منه وحدثت مشادة مما ادى إلى اشعال الازمة بهذه الصورة
ادعى السادات أن حادثة الزاوية الحمراء كانت بسبب حوادث الزاوية الحمراء كان سبباً لماء غسيل وسخ ألقاه مسيحى قبطى على عائلة مسلمة وشجار تم بين أسرتين نتيجة والحقيقة فى عدد القتلى ذكره اللواء ابو باشا وزير الداخلية بأنه قد بلغ عدد القتلى أكثر من 81 قتيلاً من الأقباط وأضاف حسن أبو باشا فى برنامج أختراق بأن تلك الفترة لم يكن بها أمن سليم منتقداً الوزير النبوى إسماعيل وزير الداخلية فى ذلك الوقت.

ومن هنا وصل الخلاف إلى اشده وقمة ذروته بين السادات والبابا شنودة وبات خلافهما هو عنوان المشهد الداخلى فى مصر ناهيك عن وحشية الجماعات الاسلامية والتى طالت الاثنين النظام والكنيسة.
لذا كان من المنطقى أن يطول العقاب البابا في أيام السادات الأخيرة عندما أصدر في سبتمبر عام 1981 قراره بالتحفظ على 1531 من الشخصيات العامة المعارضةكان البابا من ضمنهم ولكن مصير البابا الاعتقال كان تحديد الإقامة في الدير بوادي النطرون ولعل السادات فعل ذلك درءا لرد فعل مضاد من قبل الأقباط

ومات الرئيس السادات وتقلد حسنى مبارك الحكم ونجح نسبيا فى بداية حكمه فى الحد من الفتنة الطائفية، فأفرج أولا عن المعتقليين السياسين فى قرارت سبتمبر 81، ولكنه أجل قرار الغاء التحفظ على البابا إلى عام 1985 حيث لا يزيد تأجج لهيب الموقف.