طباعة

"انهيار الليرة" كيف ساهمت الدراما التركية في تضليل عشاقها اقتصادياً ؟

الثلاثاء 14/08/2018 04:01 م

وسيم عفيفي

مسلسل قطاع الطرق لن يحكموا العالم

تزامنت ظهور الدراما التركية مع المسلسلات المصرية، ولم يكن يشعر بها أحد سنة 1968 م لكن كانت تركيا بيئة مناسبة لكل فنانين مصر الذين عانوا ويلات النكسة فسافروا إلى اسطنبول للعمل هناك ولعل الفنان فريد شوقي أحد أشهر نجوم مصر الذين أسسوا مكتبة لا بأس بها من الأفلام التركية.


أوكتاي كاينارجا -
أوكتاي كاينارجا - راجي شاشماز
لا يعلم كثيرون أن الثنائي "أوكتاي كاينارجا" و "راجي شاشماز"؛ هما اللذين ساهما في الطفرة التي تشهدها مسلسلات تركيا خلال الـ 15 سنة الماضية، حيث أن الممثل أوكتاي كاينارجا أدى شخصية "سليمان شاكر" في مسلسل وادي الذئاب والذي أنتجه وكتبه وأخرجه راجي شاشماز، وعلقت هذه الشخصية في أذهان المشاهدين حين بدأت القنوات العربية تدبلج المسلسلات التركية.

المتابع الجيد لـ "راجي شاشماز" باعتباره سيناريست ويقارنه بكل مؤلفي المسلسلات التركية، يجد أنه الأفضل والأول نظراً لنجاحه في تسويق "الأكشن التركي" ونجح في منافسة الأعمال الرومانسية، فضلاً عن أنه رغم تأييده الواضح للدولة التركية والحكومة، إلا أنه يوجه انتقادات لاذعة، ويعد راجي شاشماز هو المؤلف الذي وضع بذرة الأعمال السياسية في مسلسلات تركيا.
نجاتي شاشماز بطل
نجاتي شاشماز بطل وادي الذئاب وشقيقه راجي شاشماز
انسحاب المخرج والكاتب والمنتج راجي شاشماز من "وادي الذئاب"، أثر كثيراً في شكل نمط المسلسلات التركية، كون أن راجي ليس مثل شقيقه نجاتي بطل المسلسل "مراد علمدار"، حيث يرى أن الدراما يجب أن تدعم الدولة لكن دون توجيهٍ من الدولة.
عقب انسحاب راجي شاشماز وانفصاله عن أخيه نجاتي شاشماز بدأ يغير نظرة الدراما التركية للدولة وأظهر ذلك مسلسله "قطاع الطرق لن يحكموا العالم" والذي تحاشى الاقتراب من دعم أردوغان إلى دعم "الدولة التركية"، وأظهر أن الثأر يمكن أن يأتي به رجل مافيا مثل "خضر شاكر بيلي"، وليس أخذ الحق حكراً على يد "رجل الدولة".
لمشاهدة المشهد مترجم من هنا
أحدث مسلسل قطاع الطرق لن يحكموا العالم تغييراً في شكل الأيديولوجية التركية بالدراما، فصارت تجربة المسلسلات الأكشن أفضل من المسلسلات الرومانسية، حيث أنها تحقق أعلى نسبة مشاهدات في القنوات التركية.

عقب مسلسل قطاع الطرق لن يحكموا العالم تغيرت الأيديولوجية الفكرية في المسلسلات التركية، فتجد كلمة "الوطن" أو "الدولة" في كافة المسلسلات، وأظهرت المسلسلات "الضابط التركي" في شخصية الهيرو دون نقاط ضعف في تدريبه، مثل مسلسل "وادي الذئاب"، ومسلسل "العهد"، كما أظهرت كل ما هو غير تركي في شكل الضعيف المحتاج للمنقذ ولا منقذ سوى تركيا.
رغم كل المزايا الفنية التي اتسم بها مسلسل "قطاع الطرق لن يحكموا العالم"، والذي ينتظر جمهوره عرض الجزء الرابع منه في سبتمبر القادم على قناة ATV إلا أنه ساهم في تضليل الرأي العام التركي بشأن الوضع الاقتصادي للدولة والليرة التركية.
الدليل على ذلك ما جاء في آخر الحلقة السابعة والثلاثين من الجزء الأول "توقيت المشهد 1:31:55"، [للمشاهدة بالترجمة من هنا] حيث جمع المشهد بين كلٍ من "أوكتاي كاينارجا" ـ خضر شاكر بيلي رجل المافيا ـ وابن شقيقه "يونس إمرة يلدريم" ـ ألب أصلان ـ، و"هاكان كاراهان" ـ أوزار تاجر السلاح ـ، بصحبة "إركان إيكير" ـ رئيس ملف تركيا في الـ CIA ـ؛ وأراد راجي شاشماز من خلال هذا المشهد إظهار كيف يفكر الأمريكان في الاقتصاد التركي، حيث يطلب رجل الـ CIA من خضر شاكر بيلي أن يودع مليار دولار في بنوك تركيا وينتظر تعليمات الـ CIA والتي ستأتي لتطلب منه سحب هذا المبلغ من بنوك تركيا الحكومية وإيداعها في بنوك أوروبا لإحداث أزمة اقتصادية، في مقابل أن تزداد ثروته إلى 100 مليار دولار.

يرفض خضر شاكر بيلي هذا العرض حيث أنه وإن كان رجل مافيا وتاجر سلاح، لكنه رجل وطني يحب دولته ولا يقبل بهذا العرض، أما ابن شقيقه ألب أصلان يقبل على الفور ولما يستغرب عمه من قبوله يعلل ألب أصلان بقوله "سآخذ الـ 100 مليار دولار وأسدد دين بلدي". 
رغم الروعة الفنية في الموسيقى التصويرية والتمثيل، واعتراف المسلسل بديون تركيا، لكن كان هذا المشهد تحديداً هو العامل الأبرز في تضليل الوعي العام التركي حيث أنه وصف رجال المخابرات ـ ألب أصلان هو ابن اخت رئيس المخابرات ـ، أنه يمكن أن يخدع الـ CIA بينما الذي حدث في الواقع عكس ذلك.
وبدأ الصدام عندما فرضت وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على تركيا، بعدما فشلت الأسبوع الماضي مفاوضات بين البلدين، حول إطلاق تركيا سراح قسًا أمريكيًا تعتقله أنقرة.
وقرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يوم الجمعة الماضي، مضاعفة التعريفة الجمركية على واردات الحديد والألومنيوم التركية، وقال إن رسوم الصلب على تركيا ستصبح 50% ورسوم الألومنيوم ستصل إلى 20%.
فيما رفض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الانصياع لمطالب أمريكا وقال إن بلاده ستنتصر في هذه الحرب الاقتصادية.
ويرجع الخلاف بين أمريكا وتركيا، على خلفية رفض الأخيرة تسليم القس الأمريكي، أندرو برانسون، المسجون في أنقرة بتهمة الانتماء إلى جماعة عبدالله جولن.
وطلبت تركيا من أمريكا مقابل الإفراج عن القس الأمريكي، تسليم المعارض التركي المقيم في أمريكا، فتح الله جولن، إلا أن واشنطن رفضت.
العجيب أن فيلم وادي الذئاب ـ الوطن، وعد فتح الله كولن بأنه سيتم القبض عليه من قِبَل المخابرات التركية وسيتم محاكمته ! وأهو كله خيال يا عبسلام !