طباعة

"عيده على الرصيف".. عامل النظافة الحزين مصدر إسعاد البشر

الإثنين 20/08/2018 11:28 م

إسلام مصطفى

عامل نظافة

على أرصفة الشوارع اعتاد التواجد، وبين أحضانه سلة القمامة التي تخبر الجميع أنه يمتلك من القوة والصبر ما جعلاه يرضى بقدره ويبتسم للجميع، لا عيد عنده ولا فرحة إلا من خلال إسعاد البشر، بإظهار الشوارع نظيفة. 

تنحني فقرات ظهره ليس تبجيلًا واحترامًا لأحد إلا لنفسه، وتعانق يداه الوريقات وربما بعض من الزجاجات الفارغة، أو المناديل الملوثة بميكروبات وجراثيم، فذلك روتينه اليومي الذي اعتاده، دائمًا ما تجد عيناه مغرورقتان من شدة الأسى، وبرغم ذلك فالصمت حليفه الأول ورفيقه في رحلته اليومية حتى في أيام العيد، يجوب التي فيها الأطفال والكبار الشوارع فرحًا ببهجتها، لا يعرف لها طعم، ورغم الأسى والمشقة تجد دائمًا الرضا يطل من عيناه مع ابتسامة تكاد تُسعد المكروب من حوله.
عامل نظافة في العيد
عامل نظافة في العيد
تمر ساعات طويلة وترقبه أعين الجميع بعضها يحمل عطفًا، وبعضها قاسي، والبعض الآخر تحمل من البراءة ما يدفعها للتساؤل "اشمعنا عمو ده هو اللي بيعمل كده"، بالطبع قارئ التساؤل أو المُستمع سيدرك جيدًا أنها نابعة من روح برئية.


عامل نظافة في العيد
عامل نظافة في العيد
ولكن تظل الأكثر إيلامًا في المشهد الذي رصدته كاميرا "المواطن" هي نظرات الشفقة التي يرسلها البعض إليه، برغم ذلك العجوز الذي نالت التجاعيد من جسده، والتقوسات من عموده الفقري ينتظر عقارب الساعة التي تُخلصه من ذلك اليوم، ولكنه يجد دائمًا الفرح في أبسط الأشياء فعندما يرى الشارع نظيفيًا وأن الشعب بدأ يفكر بإنسانية تجاه العجوز الذي جمعه القدر بمكبات القمامة لكي يكون هو الراعي الرسمي للنظافة في أي مكان.


عامل نظافة في العيد
عامل نظافة في العيد
كلمات العالم ولغاته جمعاء لن تستطيع أن تعبر عن قيمة المهمة التي يقدمها، عامل النظافة والتي تعتبر هي محور الحياة، ربما لا يعرف المُعظم كيف يسير يومه ومن هم رفاقه الذين يهونون عليه مصاعب عمله، إلا أن ذلك كله لا يلتفت إليه أحد بمجرد أن يدير ظهره له، تاركًا العجوز الراعي الرسمي للنظافة في عالمه الذي لم يختاره بيده، إلا أنه يعلن دائمًا وابدًا الحمد والشكر لله، على ما به من نعم.


عامل نظافة في العيد
عامل نظافة في العيد
ولكن على الجميع أن يعلم أنه بدون ذلك الجندي في ميدانه، لن ينال الشعب النظافة ولو كان دول العالم الأول، لاسيما وأن سلوكيات البعض لدينا تؤكد ذلك.

في نهاية اليوم يلملم ذلك الجندي شتاته، محاولًا فرد انحناءات جسده، مودعًا عالم القمامة، ذاهبًا إلى عالمه الذي لا يعلمه إلا الله؛ ليأتي صباح اليوم التالي معلنا صفارة البدء للروتين اليومي، لذلك البطل الهمام.