طباعة

حتى لا ننسى "استر فانوس" المرأة القبطية التي خطبت في المسجد

الأربعاء 29/08/2018 11:05 م

شيماء اليوسف

استر فانوس.

عندما تضرب بلادنا الأزمات تجد الشعب المصري يتكاتف بروح واحدة، لا تستطيع أن تفرق بين جميع وشوشهم كلهم يحاربون العلة، ويتصدرون في وجه الموقف ضد كل غاصب، النساء قبل الرجال يرفضون التعدي على وطنهم.

من صعيد مصر من قلب الطينة السمراء الطيبة تأتي لنا " استر أخنوخ فانوس " المرأة التي قال عنها سعد زغلول شاركت بجهد خلاق، وأثبت شجاعتها في ثورة 1919م، عندما رفضت نفيه واحتجت على وزارة وهبه باشا وطالبت بضرورة استقلال مصر، وقد تمكنت من تشكيل لجنة لتمثل النساء في مصر، تؤدي دورها السياسي مع حزب الوفد.

استر فانوس
استر فانوس
عاشت فانوس في بيت معبئ بالأفكار الوطنية الثائرة ضد الاحتلال تأثرت كثيرا بمبادئ والدها الطبيب "أخنوخ فانوس" باتت أسرتها منبعا للأفكار الثورية الوطنية، حيث كانت مكتبة والدها نافذة لآفاق المعرفة ومطلعا للرأي والحكمة. 

عندما زارهم مكرم عبيد، وهو محام شهير ويعد أحد المناضلين الوطنيين، عرفت فانوس وقتها أن سعد زغلول سيسافر مع زملائه لانجلترا ليطلب برفع الانتداب البريطاني على مصر. 

كانت هدى شعراوي الصعيدية، أحدى الناشطات النساويات المصريات، صديقة فانوس، جمعتهما أوجاع الوطن وضمت ترانيم فانوس في أحضان آذان شعراوي وأكستهما ملبس الوحدة الوطنية فصارا مثلا فاجرا متفجرا في وجه كل أحمق، جمعتهما روح الأرض القاهرة. 


استر فانوس
استر فانوس
وعندما اندلعت أصوات المتظاهرين المصريين ضد الجبناء المحتلين، ثم أطلقت قوات الاحتلال البريطاني النار عليهم، مما أثار غضب فانوس، فأرسلت خطابا إلى الرئيس الأمريكي "ويلسون" قائلة: " أرسلنا أربعة أشخاص للقتال في هذه المعركة _ تقصد سعد زغلول ورفاقه _ وإن كانت هناك ضرورة ملحة سوف نرسل 400 أو 4000 أو 4 ملايين لتحرير هؤلاء الأربعة ". 

ثم هرعت مسافرة إلى القاهرة والتقت برفيقات الكفاح ثم خرجن في تظاهرة تكونت من مئات النساء اللواتي اعترضن على همجية الاحتلال في مظاهرة نسوية، رفعن خلالها الأعلام ورددن الشعارات وكانت عبارتهن الخالدة: " اطلق النار علينا إن قدرت " وكأن شعلة النضال الفعلي قد اشتعلت. 

كانت أول امرأة تخطب في المسجد، عندما عقدوا اجتماعا سياسيا في مشهد رجالي نسائي غير مألوف بالمرة، لم يقل وقتها أحد أن صوت المرأة " عورة " لأن العورة تتمثل في العقول الفارغة فقط، بل ولم يعترض أحد على دخول قبطية مسجد، فكان المسجد والكنيسة وقتها منارة وطنية واحدة حملت على عاتقها لواء الدفاع عن الوطن قبل أن نعيش في عالم يتصدع من الفتن والشائعات ولا يمل في الهجوم على بيوت العبادة وأصحابها، لم نشهد وقتها هذا يكفر ذاك كلهم كانوا في فلك واحد يدورون حول مجرة الوطن. 

و في مطلع 1990م، أسست فانوس الاتحاد النسائي المصري سعيا إلى تحسين مستوى ثقافة المرأة ودعم وعيها الاجتماعي، وتزكية الترويج للمساواة بين الرجل والمرأة في الواجبات والحقوق، كما كونت جمعية "المرأة الجديدة" ودعمت مشاركتها بالجمعيات الأخرى التي لم تكن تحت تأسيسها، كجمعية الشابات المسيحيات ورابطة العمل المصرية 
وفي أغسطس 1990م، رحلت استر فانوس، وتركت تاريخا نضاليا طويلا بعد صراع مع المرض لتترك لنا بصمة في تاريخ المرأة المصرية.