طباعة

روسيا.. القوة الناعمة التي وضعت الفصائل المسلحة تحت وطأة الأسد وباتت عدو لدود يحتل العقلية الأمريكية

الثلاثاء 04/09/2018 06:01 م

عواطف الوصيف

الرئيس الروسي وموقفه من سوريا وواشنطن

لا شك أن الجهود التي بذلها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين في سوريا، ومشاركة قواته بشكل أساسي، في سلسلة من المواجهات العسكرية، أمام الجماعات المسلحة جعلت منه أميرا للدهاء السياسي، في المنطقة، وتمكن من جعل بلاده تكون صاحبة الريادة، وكأنه كان يحاول أن يثبت للعالم أجمع أن روسيا هي القوة العظمى الآن على مستوى المنطقة وهي من سيتم اللجوء لها في كل الأوقات ولحل جميع ومختلف القضايا.

الصورة التي تمكن بوتين من وضع بلاده فيها، قد تون شغلت الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أكثر من الرئيس بوتين نفسه، حيث أنه وبهذه الحالة، بات بوتين هو صاحب القوة أكثر من أي رئيس أخر، وعلى الرغم من معرفتنا بلمخططات التي تمارسها واشنطن والتي تعد مؤامرات ضد المنطقة العربية، إلا أنه لابد من الإعتراف بأنها دولة تعمل على إحترام الفكر وتؤمن بحرية الصحافة، لذلك سنحاول تقيم الصحافة الأمريكية، خاصة وأنها تمثل كينونة إدارة تنظر إلى روسيا الآن وكأنها عدو لدود يهدد ماكنتها في المنطقة.

الرئيس الأمريكي ونظيره
الرئيس الأمريكي ونظيره الروسي
القوة الناعمة
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن روسيا تحاول إظهار القوة الناعمة، من خلال التسوية مع الثوار الموجودين على الأرض، في إشارة منها للصفقة التي عقدت مع فصائل الثوار في والتي أدت إلى تسليم أكثر من 2,000 مقاتل أسلحتهم الخاصة للوسطاء الروس، وهنا ننتبه إلى أن هذه المساعي الروسية، التي أشارت لها الصحيفة، تأتي في الوقت الذي تحاول فيه روسيا إنهاء حملتها العسكرية الوحشية التي كلفت المليارات عبر التودد للمانحين للمساهمة في إعادة إعمار الدمار الذي تسببته الحرب.
الرئيس الروسي فلاديمير
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
انتصار تكتيكي وإشادة
عند البحث وراء ما يتعلق بقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وإنتشارها في الجولان السوري، منزوع السلاح، نجد أن روسيا قد أشادت بالعملية العسكرية التي مهدت الطريق لعودة هذه القوات لمنطقة الجولان كونها وببساطة أعتبرت أن هذه العملية انتصاراً لتكتيكاتها غير العنيفة والتي تزيد من فرص نجاحها بشكل متزايد؛ إلا أن روسيا في الوقت نفسه لم تتوقف من الغارات الجوية التي تشنها لقلب الحرب لصالح بشار الأسد كما قامت بإرسال سفن حربية إلى شرق البحر المتوسط، حيث من المحتمل أن تشارك هذه القوة العسكرية في الهجوم المتوقع على إدلب، آخر معاقل الثوار في سوريا.
الرئيس الروسي والرئيس
الرئيس الروسي والرئيس الأسد
استسلام مشروط
عند العودة لـ "وول ستريت جورنال لمعرفة الرؤية الأمريكية، نجد الصحيفة، قد وصفت  صفقات المصالحة التي تتم في المناطق التي كان يسيطر عليها الثوار بـ "الاستسلام المشروط"، لأنها كانت عبارة عن تقديم عهود من قبل روسيا بإنهاء العنف، مع تقديم عفو كامل، وجهود لإعادة الخدمات العامة مقابل "تقديم الولاء للأسد" الأمر الذي يراه محللون على أنه تكتيك على أهمية عالية من قبل الجيش الروسي، بسبب تجاوزه العمليات العسكرية الروسية والانخراط بدور آخر يتطلب قدراً لا بأس فيه من الثقة.
الفصائل المسلحة
الفصائل المسلحة
سيناريو إدلب
ركز تكتيك الروس التفاوضي في جنوب غرب سوريا حول التلويح بوعود مشابهة، حيث قدمت روسيا وعودها في البداية لمجموعات صغيرة وضعيفة من المدنيين والثوار، أما من رفض الوعود الروسية، فقد أجبر على المغادرة بدون عنف بصحبة عائلاتهم نحو إدلب، وهو ما يحلله العديد من الدبلوماسيون الروس، حيث يرون أن حكومة بلادهم تريد تكرار الاستراتيجية نفسها في إدلب، مهددة بقصف من يرفض التوقيع. 

محاولة للحصول على أموال إضافية
تعد عملية التفاوض التي تقودها روسيا تساعدها بشكل كبير للضغط على الحكومات الغربية، مما يمكنها من الحصول على أموال إضافية لإعادة إعمار سوريا وتشجيع عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهي لها هدف من ذلك وهو تجنب القيام بأي عملية تفضي إلى تسوية سياسية في البلاد
إدلب السورية
إدلب السورية
رؤية أمريكية
يرى تشارلز ليستر، وهو الزميل بارز في "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن " أنه وعندما كان الروس يقصفون مناطق المعارضة في جميع أنحاء البلاد، كانوا أيضا، يقومون بعمليات تواصل هادئة جداً مع الجماعات المسلحة وقادتها السياسيين، وهو ما يعد من وجهة النظر الأمريكية تكتيك يضع الثوار تحت رحمة الرئيس الأسد.

الخلاصة
لا شك أن روسيا حققت نجاحا ولفتت لها الأنظار بالجهود التي بذلتها في سوريا، وبالتحالفات التي أبرمتها مع قوتين غير عاديتين وهما "تركيا وإيران"، لكن هذا لا ينف أن هناك رقيب أمريكي يرفض أن يكون لغيره السيادة والقوة والريادة، وستكشف المرحلة المقبلة الجهود التي ستبذلها واشنطن للوقوف أمام روسيا التي باتت عدو لدود لواشنطن يهدد كينونتها وماهيتها في المنطقة.