طباعة

"حين كان العمل في الصحافة عاراً" قصة حب رئيس تحرير وصلت إلى المحكمة

السبت 08/09/2018 07:03 ص

وسيم عفيفي

الشيخ علي يوسف رئيس تحرير جريدة المؤيد

لم يكد يمضي العام 1889 م إلا وصدر العدد الأول من جريدة المؤيد لصاحبها الشيخ علي يوسف والذي كان رئيساً لتحريرها، وفيما بعد صارت جريدة المؤيد إحدى أهم الصحف المصرية في ذلك الوقت وتدخل في صراع تنافسي شرس خاصةً مع استقطابها لكبار الكتاب الكبار آن ذاك.


الشيخ علي يوسف
الشيخ علي يوسف
نجحت جريدة المؤيد ومع نجاحها تمكن الشيخ علي يوسف من تبوأ أرفع مناصب الفكر والثقافة داخل مصر، وفتحت له الجريدة علاقات كبيرة وكثيرة ففي مصر توثقت علاقته بالخديوي عباس حلمي الثاني أما في خارجها فوصل إلى السلطان العثماني نفسه.

ورغم أن جريدة المؤيد رفعت رئيس تحريرها إلى أعلى المناصب، لكنه لم يتخيل أن تذهب به إلى القضاء بسبب "زواجه"، ربما توقع أن السبق الصحفي الذي يزعج الإنجليز يقوده للمحاكمة، لكن حياته الشخصية كانت بعيدةً عن أي ضيق.

كان الشيخ علي يوسف متزوجاً وهو عشرينيات عمره، ومع وصوله إلى الثراء قرر أن يتزوج مرة أخرى من واحدة تليق بمستواه الجديد فقرر أن يناسب بيت السادات وهم عائلة من الأشراف ينتسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من ناحية الإمام الحسين.
علي يوسف - صفية السادات
علي يوسف - صفية السادات
وقع اختيار علي يوسف على صفية بنت الشيخ السادات وبصعوبة بالغة وافق ولي أمر العروسة على الخطوبة والتي طالت بسبب تحكمات الرجل فهو لم يكن يرضى أن يزوج ابنته صحفياً.

مضت الأشهر وجرت السنوات حتى وصل مجموعها 4 سنوات واستمر السادات في مبدأ التسويف حتى اضجر الشيخ علي يوسف وخطيبته من تصرفات الرجل الكبير.

قررت صفية بنت الشيخ السادات أن تتخذ قراراً عنيفاً حيث غادرت بيت أبيها واتجهت إلى بيت قريب لها وهناك كان علي يوسف ينتظرها مع المأذون والذي عقد القِران عليهما وتوجها إلى حي الضاهر حيث السكن الجديد.

لأن الشيخ علي يوسف كان شخصيةً عامة عرف الجميع في اليوم التالي نبأ زواجه وكان والد العروسة من ضمن الذين عرفوا بتصرف ابنته مثل عامة الشعب من الجرائد فقرر الصدام بينهما في قضية أثارت الجدل في مصر آن ذاك.
الشيخ السادات
الشيخ السادات
توجه الشيخ السادات إلى القضاء لتقديم بلاغ ضد الشيخ علي يوسف يتهمه بخطف ابنته والزواج منها رغماً عن أولياء أمورها، متحدياً بذلك الحالة الشرعية التي تقول أن صفية بلغت سن الرشد ومن حقها شرعاً تزويج نفسها.

قررت النيابة حفظ التحقيق حيث أنه شرعاً وقانوناً لا شيء في الزواج كما أن حالة الخطف لا تعتبر قرينة في حالة بنت السادات نظراً لأنها خرجت من بيت أبيها بإرادتها.
لم يتلزم الشيخ السادات الصمت فصعد الموقف أكثر ورفع قضية ضد علي يوسف أمام المحكمة الشرعية وطالب في دعواه التفريق بين الزوجين نظراً لأن الإسلام يشترط وجود تكافؤ اجتماعي بين العريس والعروس في الحسب والنسب والمال والعمل كذلك ـ حسب دعوى الشيخ السادات آن ذاك ـ

تولى الشيخ أبو خطوة نظر القضية وثار الجدل في مصر بين مؤيد ومعارض حتى كانت الجلسة الأولى في الخامس والعشرين من يوليو سنة 1904 م وحكم الشيخ أبو خطوة بالتفريق في الفراش بين الزوجين وهو ما وافق عليه علي يوسف ورفضته صفية.
الشيخ علي يوسف وزوجته
الشيخ علي يوسف وزوجته
تم اتخاذ قرار مشترك بين العريس والعروسة وهو أن تتجه إلى بيت رجل محايد "مؤتمن" تسكن عنده لحين الفصل في القضية فتم تخييرها بالجلوس عند واحدٍ من ثلاثة، إما القاضي أبو خطوة أو مفتي مصر وشيخ أزهرها الشيخ حسونة النواوي، أو بيت أحد العلماء الشرعيين وهو الرافعي، فوافقت على البيات وسط بناته.

كان هذا القرار المشترك بين العريس والعروس دافعاً لتذمر القاضي أبو خطوة فقرر إيقاف نظر القضية والإضراب عن العمل لحين إرسال صفية إلى بيت أبيها ولو بالقوة، وتدخلت الحكومة لكن دوى جدوى بسبب إصرار صفية فاستكمل أبو خطوة نظر القضية.
في الجلسة الثانية جاء حكم الشيخ أبو خطوة بفسخ عقد الزواج وتطليق الزوجين ونفذت الحكومة المصرية هذا الحكم القضائي وهو ما أراح الشيخ السادات.

الغريب أن الشيخ السادات رضي بزواج ابنته بعد الحكم بعقد جديد، وفسر ذلك للشيخ محمد عبده أن هذا ثأراً لكرامته إذ لا يصح أن تزوج البنت نفسها دون علمه وبهذه الطريقة، وفي النهاية تم لم الزوجين في بيتٍ واحدٍ.