طباعة

الإخوان والهوية السياسية .. كيف قادهم الإتجار بالدين إلى الهاوية ؟

الإثنين 17/09/2018 10:07 م

أنهار بكر

جماعة الإخوان الإرهابية

لم يكن الصراع الناشب بين الإخوان والدولة المصرية منذ أن ظهرت جماعة الإخوان المسلمين صراعًا سياسيًا وحسب، بل امتد دفاع الدولة لغاية أسمى وهي الدفاع عن الثقافة والهوية المصرية وموروثاتها.

لطالما اتخذ الإخوان جانبًا عدائيًا لأي نظام متعارض مع أفكاره، ولا يمكن أن نغفل عن أن هذا التنظيم نشأ وترعرع تحت رعاية أوروبية، وهو ما يرسخ فكرة أن الإخوان كان هدفهم الأساسي هو هدم الدولة المصرية بكل أركانها، وإنشاء كيان أخر جديد بهدف استعادة الخلافة الإسلامية التي كانت متمثلة في الدولة العثمانية التي سقطت قبل تنظيم الإخوان بسنوات قليلة.

ولكن فشلت دعوة الإخوان في بدايتها ولم تحقق ما كان يحلم به حسن البنا منشئ الجماعة، وذلك بسبب إدراك المصريين لطبيعة هذا الصراع وتمسكهم بالسياق الوطني السياسي والتاريخي الذي كانت تسير عليه الدولة المصرية حتى في ظل الحكم العثماني وفترات ضعفه وانهياره.

العروبة بعد الهوية .. ما موقف الإخوان منها ؟
جمال عبدالناصر -
جمال عبدالناصر - الأب الروحي لـ القومية العربية
في منتصف القرن الماضي وعقب نجاح المصريين في التخلص من الحكم الملكي وتحرير الأرض من المستعمر البريطاني، ظهرت في الصورة مرة أخرى جماعة تتفق مع المصريين في كونهم مصريين وحسب، وتختلف معهم في الفكر والتصور وترتيب الأولويات. 

فكانت الجماعة تسعى لترسخ فكرة أن الوطن هو وطن الدين والجماعة أينما كان، بل أنهم تربوا على أن "الدولة الوطنية هي العدو الأول للعقيدة الإسلامية" كان ذلك الفكر المشوه أكثر ما دفع المصريين إلى التمسك والحفاظ على الهوية المصرية الحضارية التي إمتدت جذورها لآلاف السنين.

كان ذلك المسار المكون من المسلمين والأقباط يتعارض مع الأيديولوجيات الفكرية للجماعة، فاختارت الدولة وضع العروبة العنصر الأول للهوية المصرية لأنه يدعم في جوهره الدولة الوطنية الموحدة من عنصريها الأساسيين وهم المسلمين والأقباط، التي كانت عرضة للتفكك إذا هيمنت الجماعة بفكرها على المصريين.

ومن ناحية أخرى فان السلوك الذي اتخذته الدولة المصرية في التعامل مع تلك الجماعة وأفكارها، قد أثار تعاطف المصريين معهم وهو ما دفع غالبية الشعب للوقوع بشباكهم خاصة بعد صدمة الهزيمة التي بررتها الجماعة أنها بسبب الإبتعاد عن الدين والإرتماء في أحضان العلمانية والشيوعية، وترسخ هذا الإعتقاد أكثر من ذي قبل بعد انتصار6 أكتوبر1973.

زادت نفوذ الجماعة وسلطتها التي تدعمت بالإطار الشرعي والتواجد الحزبي، وبدأت بالهيمنة على الفكر خاصة في العقود الأخيرة وحتي ثورة 25يناير، ساعدهم في ذلك التطور التكنولوجي، والعناصر الشابة التي طورت فكر الجماعة وحدثته، فتمكنت بذلك من تجنيد الشباب واستقطابهم.

من المطالب الثورية إلى الهمجية الإخوانية
مكتب الإرشاد
مكتب الإرشاد
بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير إغتصب الإخوان حقوق الثورة والثوار ومطالبهم، فاستحوزوا على السلطة وحكموا البلاد في فترة هي الأسود في تاريخ البلاد الحديث، وظهر منهم عكس ما وعدوا به ونهبوا مطالب الثورة وانقلبوا عليها باسم الدين فتشكك الشباب المنكسر في دينه واتجهوا إلى الإلحاد، حتى أصبحت مصر هي الأولى عربيًا في نسبة الملحدين.

وكما أكد على ذلك الدكتور جمال فرويز "استشاري الطب النفسي بجامعة القاهرة" في تصريح لـ"بوابة المواطن" أن كل شخص وليد ثقافته ومجتمعه وأن الإنحطاط الثقافي والفكري الذي تعرض له الشباب في الـ10 سنوات الأخيرة جعله عُرضة للإلحاد أو أي سلوك أخر معيب.
جمال فرويز
جمال فرويز

وأضاف فرويز أن الإخوان سلكوا درب التحريم والتكفير وعاونهم على ذلك أشخاص يستترون بزي الدين، فشاعت الفتاوى الكاذبة لبث الفرقة بين المصريين، فأشاعت حُرمة تهنئة الأقباط بمناسباتهم التي طالما شاركهم بها المسلمون، وأشاعت أن من يفعل ذلك فهو بمثابة المرتد عن دينه.

وقال فرويز في تصريحه لـ "بوابة المواطن" لم يكن الإخوان وحدهم بل شاركهم في ذلك الفكر السلفي، ونتيجة للشعارات الأفاقة باسم الدين وأن الدولة الخلافة الاسلامية ستعود رغما عن الجميع، وتصريحاتهم الصريحة بميادين رابعة والنهضة بأن الدم مباح لديهم في كل الأحوال.

بالإضافة إلى رداء الدين الذي احتمت به الجماعة ومحاولتها الجادة في طمس الهوية والثقافة المصرية التي تعتز بحضارتها، لجأ الشباب إلى الإلحاد بعيدًا عن أي مزاعم دينية.