طباعة

في ندوة تجديد الخطاب الديني .. كريمة: السلفيون وراء التطرف والثوابت لا تتغير

الخميس 27/09/2018 02:15 م

أنهار بكر

د/ أحمد كريمة خلال فعاليات الندوة

في ندوة أقامتها مؤسسة التآلف بين الناس برعاية الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة الأزهر والدكتور مصطفى أبو شنب الأمين العام للمؤسسة، والدكتورة هدى عبد الحميد ذكي أستاذة العقيدة والفلسفة جامعة الأزهر والدكتور جمال الجنايني عضو مجمع البحوث الإسلامية السابق.

دارت فعاليات الندوة حول تطوير الخطاب الإسلامي المعرف إعلاميًا باسم "تجديد الخطاب الديني" ودارت الفعاليات حول عدة محاور كان أبرزها نقد ونقض شبهات الغلو المعاصر، وعرض بواعث العنفين الفكري والمسلح، فضلًا عن تنبيهات على قضايا تراثية ذات صلة وعلاقة، وبحث سبل التواصل.

أنواع الخطاب الإسلامي المعروف بالخطاب الديني
د. أحمد كريمة
د. أحمد كريمة
بدأ الدكتور أحمد كريمة حديثه موضحًا أنواع الخطاب الإسلامي الذي ينقسم إلى ثلاثة أنواع وهم خطاب الإسلام: الذي يتكون من النصوص الشرعية القطعية من القرآن والسنة، ـ خطاب المسلمين: وهو فهم الخطاب الذي قد يحمل الصواب والخطأ، وأما عن الخطاب الديني"الإسلامي" فهو مجموع الخطابين السابقين وهو المشهور إعلاميًا بتجديد الخطاب الديني. 

وفي الإطار ذاته قال مصطفى أبو شنب الأمين العام للمؤسسة أنه عند الحديث عن تجديد الخطاب فإننا نتحدث عن التجديد لا التجريد، بمعنى أن الثوابت والقواعد الأساسية في الدين لا مساس بها من قرآن وسنة نبوية صحيحة ومتواترة.

وأشار إلى أن تجديد الخطاب الديني بمعني تجديد العرض والأسلوب أيًا كانت طريقة العرض سواء الإعلام المرئي أو المسموع، فهذا أمر لاشك في أننا بالفعل نحتاج تجديده وأن نستعمل لغة أكثر لطفًا للتواصل مع الجميع عن طريق نخبة من العلماء الذي أفاض الله عليهم.

وتابع قوله أنه قد وجُهت العديد من الاتهامات للإسلام أولها أن الإسلام دين عنف وأنه لا يقبل التعددية ولا يقبل الرأي والرأي الآخر، في حين أننا إذا فهمنا ثوابتنا ونصوصنا الصحيحة من قرآن وسنة لما ألقينا باللوم على الإسلام، وإنما على الفكر الإرهابي المتشدد المتطرف الذي لا صلة للإسلام به.

محاور الندوة
استطرد أبو شنب حديثه قائلًا أن للمشروع عدة محاور أولها ـ نقد كثير من الشبهات التي تدعى أن الإسلام دين عنف وسيف، لكن هناك فِرق لها مصالح أو ممولة من الخارج تحاول تطويع الدين لأغراضهم ولا صلة للإسلام ولا لعلماء الإسلام بهم.

وقال أبو شنب أن الأحاديث الضعيفة التي يستخدمها من يدعي أنه يخاطب المسلمين خطابًا دينيًا عصريًا، والحق أن هذا الذي يتحدث لو أنه درس كلامه بشئ من الحكمة لما أصبح الناس يلومون على علماء الإسلام.

وشدد أبو شنب خلال الندوة 
أن العلماء بصدد حرب شرسة مع العلمانيين الذين يُعملون عقلهم، وجعلوا العديد يلجئون إلى إعمال عقلهم كإسلام بحيرى وغيره على غير علم ودراسة ـ حسب قولهم ـ.

وفي الإطار ذاته أشار محمود ربيع معيد بجامعة الأزهر وممثلًا عن شباب الباحثين، أن هذه القضية تسير في مسارين، ما بين من يريد الحق وما بين من يريد الباطل، ما بين من يريد الدين وما بين من يريد الانحلال من الدين.

وأوضح أن علماء الشريعة راغبين في تجديد الوسائل لتوصيل العلم، بينما هناك من يريد التجديد ليتخلص ويبتعد عن الدين قدر الإمكان، مشيراً إلى أن هناك نظرة خاطئة لمفهوم التجديد قائلاً " ينظرون إلى التجديد وكأننا سنأتي بدين جديد فهل هناك اختلاف في العقيدة أم أن العقيدة ثابتة لا تتغير إلى يوم القيامة".

وأكد محمود ربيع على أن التجديد يكون في فهم المقاصد على حسب الوسائل، مشددًا على أنه يجب أن لا يتم إطلاق لقب التجديد بل إطلاق لقب التطوير حتى لا يتشتت ذهن العوام، مستدلاً بأن العلماء السابقين كانوا يتكلمون بلسان عصرهم وقد افترضوا بعصرهم ما لم يكن موجود وهذا هو الواجب على علماء الأمة في هذا الوقت.
الجنايني: من يتبع الغلو والتفريط يضر بـ الإسلام
د. حسن الجنايني
د. حسن الجنايني
من ناحيته أكد الدكتور حسن الجنايني الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف والمتخصص في المناقشة بشأن تجديد الخطاب الديني، أن المغالاة والتفريط فى الدين الإسلامى ومن يعمل على ذلك النمط، ولا يقيم للإسلام حقه فإنه أيضًا كذلك، موضحًا أن المفرط ومن يتبع الغلو هما من أرادوا أن يضيعوا هذا الدين، مؤكدًا أن الدين الصحيح هو الذي يتبع المنهج الوسطي كقول الله تعالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطًا "، منوهًا على أن أبسط الأشياء هى أعلاها قدرًا وقيمة.

وأشار إلى أن الوسطية تضع الأمور على المنهج الصحيح الذي وضعه لنا رسولنا الكريم، موضحًا أن النبي بين لنا معالم الطريق الصحيح عندما خط خطًا مستقيمًا، مستشهدًا بقول الله تعالى فى كتابه الكريم " وأن هذا صراطى مستقيمًا فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن طريقه"، موضحًا أننا نستمع الآن ونرى روايات كثيرة وعجيبة تضيع هذا الدين وتختلف معه.
كريمة: المحجة البيضاء أفضل وسيلة للرد على الشبهات

د. أحمد كريمة
د. أحمد كريمة
في ختام فعاليات الندوة قال أشار "كريمة" إلى عدة توصيات حول تجديد الخطاب الإسلامي أولها أن ـ مشروع تجديد الخطاب الإسلامي مشروع ثقافي يُفترض أن يكون مُسماه "المحجة البيضاء" تشرفًا بقول النبي "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها" في نقد ونقض شبهات العنفين الفكري والسلوكي ومعالجات للغلو ومداواة للإرهاب والإرعاب للنفع العام.

وأوضح أحمد كريمة أن هناك شبهات مشتركة بين التيارات السلفية الدعوية والحركية والجهادية، وجماعة الإخوان، وتنظيم الدولة الإسلامية المعروف بالدواعش وما تفرع عن ذلك، مؤكدًا على أن هذه التيارات تمارس التكفير والتشريك أي العنف الفكري، والسلوكي في إراقة الدماء.

 وتابع "كريمة" أن السلفية تتحمل انتشار وتمدد وتفرخ جماعات العنفين الفكري والمسلح، لأن السلفية استباحت التكفير خاصة تكفير المُعين، كما أنهم يُكفرون الأزهر الشريف بدعوى تكفير الأشاعرة، إذن فالمعوق الأكبر لرسالة الأزهر في وسطيته هو هذه الجماعات.

 وقال "أنا لست أدري، وأطالب من يطالب بتجديد الخطاب الديني، فما يبنيه الأزهر تهدمه السلفية، فالسلفية يكفرون الجميع ولم أجد مسلمًا على وجه الأرض إلا وكفره السلفية مؤكدًا أن الإخوان يدعون أنهم يعرفون الدين وأنهم فقط الجماعة المسلمة، ويقولون أنهم يسعون إلى أستاذية العالم، فأي أستاذية والإسلام لم يأت ليبني بنيانه على أنقاض الآخرين، كما أن قداسة شخص المرشد تتنافى مع الإسلام فلا قداسة إلا للمولى عز وجل ولا عصمة إلا للرسول.

 وفي ختام الندوة ناشد "كريمة" من يملك القرار أنه على استعداد هو ومن معه من المؤسسة بالذهاب للمعتقلات والسجون لعمل حوار مباشر مع المغرر بهم، سواء من القادة أو الشباب لإطلاعهم على الحقيقة، كما قال المولى عز وجل في سورة الأنعام " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شئ" وأن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد للأمة دينها ويحمل هذا العلم من كل خَلف عدول، ينفون عنه تحريف الغاليين وانتحال المبطلين وما لعق بهذا الدين من كيد الكائدين وحقد الحاقدين.