بدأ الأمر من داخل محطة قطار مدينة ههيا ؛ حيث وجدنا صبى في مقتبل العقد الثاني من العمر يدعى "كريم.ع.ح" ، والذي بلغ 14 عامًا، وكان غارقًا في نومه بجانب شباك التذاكر، مرتديًا ملابس ممزقه وبجواره كيس يحتوي على " بواقي طعام" أعطاه له أحد المسافرين قبل أن يستقل القطار.
أيقظناه فقام مضطربًا من نومه في يده كيسه باحثًا عن حذائه بلهفة شديدة ، قائلًا : "إنتوا حكومه وهتحبسونى والله همشى يا باشا ومش جاى هنا تانى".
فما لبثنا و هدئنا من روعه ، وأخبرناه أننا نجلس بجواره لمساعدته وطلبنا منه أن يروي قصته مع التسول فحكى قائلًا: أنا من الصعيد وهربت من المنزل وجئت إلى هنا؛ نظرًا لكثرة الخلافات مع زوجة والدي التي قسيت علي بعد وفاة والدتي.
وتابع الطفل المشرد: ذات يوم سمعت اتفاقًا بينها وبين والدي، حول رغبتهم في إدخالي ملجأ أو إصلاحية؛ ما دفعني للهروب من المنزل، وعزمت ألا أعود إليه مرة أخرى، واستغليت تلك المحطة لتكون ملاذي من وحشية أبي، فأحصل هنا على عطف الماره والمسافرين .
فلن ينجو هذا الطفل المشرد سوى من خلال مروره عبر بوابة حملة أطفال بلا مأوى ، التي بدأت بالفعل في جهودها المكثفة منذ أيام، وانضم إليها العديد من الشباب.