طباعة

«كنوز مصر المخفية» النباتات الطبية والعطرية

الإثنين 25/02/2019 09:00 ص

علا عوض

النعناع

تزخر النباتات الطبية والعطرية بعدد من الأنواع المختلفة والفوائد العديدة فى كثير من المجالات العلمية والعلاجية، فلا يعرف عنها كثير من المصريين سوى تناولها فى الطعام أو الشراب فقط، وتحتوى قاىمة تلك النباتات على 64 نباتًا، على رأسهم النعناع والبقدونس والزعتر والريحان وغيرهم.

كما أن النباتات الطبية والعطرية تعد مصدرا للدخل القومى للبلاد، خاصة مع كونها تأتى فى الترتيب الخامس فى الصادرات المصرية بعد الموالح والخضر والفاكهة والحاصلات البستانية لدول الاتحاد الأوربى وأمريكا ودول شرق أسيا، بمصدر دخل يصل إلى 200 مليون دولار سنويا، وبمساحة منزرعة تصل نحو 75 ألف فدان.

ومع اتجاه وزارة الزراعة للتنمية المستدامة لعام 2030 وزيادة عدد الأفدنة المنزرعة بالنباتات الطبية والعطرية نحو ثلاثة أضعاف المساحة الحالية بحيث تصبح المساحة المنزرعة 250 ألف فدان، وزيادة دخلها القومى نحو ثلاثة أضعاف، اتجهت بوابة "المواطن" لفتح ملف النباتات الطبية والعطرية والمجالات والصناعات القائمة عليها.

المنيا الأكثر زراعة

«كنوز مصر المخفية»
ويوضح د.محمد عبدالوهاب، أستاذ النباتات الطبية والعطرية بمركز بحوث الصحراء، أن مصر تزرع نحو 75 ألف فدان تقريبا نباتات طبية وعطرية، مقسمة كالتالى 90% منها فى الوجه القبلى، 10% موزعة على باقى أنحاء الجمهورية، تُرتب من حيث المساحة بين محافظات المنيا لتصبح المحافظة الأكثر زراعًة للنباتات الطبية والعطرية فى مصر بمحصول يحصل لثلث الكمية المنزرعة يليها بنى سويف ثم الفيوم وأسيوط.

وكنتيجة لأهمية النباتات النباتات الطبية أشار عبدالوهاب إلى افتتاح معهد خاص بها بجامعة بنى سويف، ويقوم على ثلاثة أقسام وهم كيمياء النبات وتكنولوجيا الإنتاج، التكنولوجيا الحيوية، وجميعها أقسام تقوم على زراعة وتصنيع وإنتاج النباتات الطبية والعطرية.

ولفت أستاذ النباتات الطبية والعطرية بمركز بحوث الصحراء إلى الصعوبات المواجهة لزراعة النباتات الطبية والعطرية، فهناك عدة صعوبات فى زراعتها صعوبات لها علاقة بالدولة وتتمثل فى الأصناف وقلة تطويرها وتحسين سلالتها، مما يترتب عليه استيراد تقاوى معينة تعطى منتجًا مطابقا للمواصفات التى يطلبها العميل مع تحسين إنتاجية، لكنها مرتفعة السعر بالنسبة للمزارع، وصعوبات مرتبطة بالمزارع منها توارث العادات الخاطئة فى الزراعة كالإفراط فى التسميد واستخدام المبيدات الغير مناسبة أو بشكل عشوائى مما يتسبب فى وجود متبقيات مبيدات بالنباتات.
«كنوز مصر المخفية»

وعن قائمة الصادرات المصرية وما تحويه من نباتات وكون النباتات الطبية والعطرية مصدر دخل، يقول د. محمد عبدالوهاب، إن قائمة الصادرات المصرية تصل نحو35 نباتًا أشهرهم بالترتيب الكاموماين، الشمر، البردقوش، الريحان، النعناع، البقدونس، لكن من حيث المساحة المنزرعة تتصدر الكُسبرة القائمة فتُشكل حوالى 19:18%من المساحة لدخولها فى التعاملات المصرية لطعام المصريين.

وتابع أن حجم الصادرات المصرية من النباتات الطبية والعطرية يعادل 200 مليون دولار سنويا، وتأتى فى المركز الخامس فى الصادرات الزراعية بعد الموالح والبطاطس والخضر والفاكهة، مشيرا إلى أن دول التصدير تتمثل فى الاتحاد الأوربى وأمريكا ودول أسيا، فى حين أن أبرز المستوردين من الاتحاد الأوربى هى ألمانيا فهى تستورد نحو 60% من واردات أوربا من الأعشاب لقيام صناعاتها على الأدوية والمستخلصات وصناعة التوابل وإعادة التصدير للدول الأخرى.

ويعقد الدكتور محمد عبدالوهاب مقارنة بسيطة بين دولتى الصين ومصر، فيقول إن الصين دولة لا تستخدم الأدوية الكيمياوية فى علاج الشعب الصينى وتعتمد بشكل كامل على الأعشاب، الطب البديل مستخدم بشكل كبير فى أوربا ويحارب بشكل غير معترف به فى مصر، بينما مصر لا تعطى تشجيعا للمشروعات الى تقوم على استخلاص الأعشاب وإنتاج مواد تصلح لصناعة الدواء ومطابقة للمواصفات على الرغم من زراعتها للنباتات الطبية والعطرية وتصديرها.

مصر مُنتجة ومصدرة للنباتات
«كنوز مصر المخفية»
وتقول د. فاطمة أحمد، أستاذ كيمياء النبات ورئيس شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة بمركز بحوث الصحراء، إن الطلب يتزايد على النباتات الطبية والعطرية فى الشرق الأوسط لاستخدامها فى كثير من المجالات كالعلاج الطبى؛ وذلك مع كون مصر رائدة فى زراعتها وإنتاجها وتصديرها، لافتة إلى بلوغ المساحة المنزرعة بالنباتات الطبية والعطرية نحو 75 ألف فدان بنسبة 1% من إجمالى المساحة المحصولية.

وأشارت أستاذ كيمياء النبات إلى إمكانية جعل النباتات الطبية والعطرية مصدرا فعالا فى صناعات الأدوية عن طريق تصنيعها واستخراج المواد الفعالة من مستخلصات النباتات، لكن فعليا يتم تصدير النباتات فى صورتها الأولية بما يدر مصدر دخل قليل، ويتم استيرادها مرة أخرى فى صورة زيوت مصنعة ونباتات مجففة.

مشروع قومى للاستفادة من النباتات الطبية والعطرية

وتستمر اللقاءات داخل مركز بحوث الصحراء، فهو مركز يضم 4 شعب رئيسية، ضمنهم شعبة البيئة وزراعات المناطق الجافة والتى تحوى بداخلها قسما كاملا عن النباتات الطبية والعطرية، التقينا د. أحمد عبداللطيف الخولى، أستاذ البيئة النباتية، بالمركز، والمشرف بدوره على إقامة مشروع قومى خاص بمركز بحوث الصحراء بدأ فى عام 2014 وانتهى 2015 يدور حول تعظيم الاستفادة من النباتات الطبية والعطرية وبتمويل من أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، حيث تم مسح النباتات الطبية الموجودة فى جنوب شرق مصر بمنطقتى حلايب وشلاتين، وتم رصد النباتات الطبية المتواجدة هناك بعدد 46 نباتا، مع رؤية البيئات التى تنمو بها النباتات، ورصد مدى انتشارها من شلاتين لحلايب.

وعن ما تم إنجازه فى المشروع يقول الخولى إنه تم عمل تحاليل كيميائية للنباتات لمعرفة محتوى كل نبات للمواد الطبية الفعالة، مع عقد دورات لمعرفة كيفية تجفيف وحفظ النباتات لتسويقها محليا، وتوزيع مجففات لهذه النباتات وعمل دراسة سوقية لمعرفة أهم الأماكن التى تُباع بها هذه النباتات، والأسعار المناسبة لها، وأهم الشركات التى تتولى بيعها.

وتابع أنه تم تحديد 5 نباتات تم تسجيلها تحت اسم شلا تى وهم نبات الحنظل، والسنامكى بنوعيه، والقيثوم، مشيرا إلى أهمية هذه النباتات فى علاج أمراض بعينها فالقيثوم يستخدم فى علاج السرطان لاحتوائه على مضادات أكسدة بالإضافة لعلاج أمراض الرئة والجهاز الهضمى، والسنامكى يحتوى على مضادات أكسدة أيضا ويستخدم شعبيا كملين، بينما يستخدم الحنظل فى علاج الروماتيزم.

مضيفا أنه تم حصر المواعيد المناسبة لجمع جذور النباتات، وعمل كتالوج وكتيب للنباتات المنزرعة بالمنطقة ومدى إجادتها وتعظيم الاستفادة.

النباتات الطبية والعطرية نباتات عضوية
«كنوز مصر المخفية»
وبعد التعرف على كونها الطب البديل أو الطب التكميلى كان لا بد من الالتقاء بمتخصص فى الأدوية والصيدليات يقول الدكتور عادل عبدالمقصود، رئيس المؤسسة الخدمية لشعبة أصحاب الصيدليات، إن النباتات الطبية والعطرية تعرف باسم أورجانيك بمعنى عضوى ويوجد لدينا مصنع يسمى ميباكو يعتمد فى إنتاج معظم أدويته على النباتات الطبية، مؤكدا على أن النباتات الطبية والعطرية ستصبح لغة العصر خلال الأيام القادمة لاعتماد صناعة الأدوية عليها.

وأشار إلى أن جزءا كبيرا من النباتات يدخل فى صناعة العطور من المستخلصات وتدخل فى التجارب ويتم الاستعانة بهذه المستخلصات فى علاج عدد من الأمراض وتسمى باسم المواد العضوية ولا يدخل بها أى مواد كيميائية، متابعا أن هناك أدوية متواجدة فى السوق ومتداولة تحتوى على المواد الطبيعية والعضوية فقط.

وعن مدى اقتناع الشعب المصرى بالأدوية العشبية والنباتات الطبية يؤكد الدكتور عادل عبدالمقصود أن المصريين لا يزالون بالفكر الفطرى ويلجأون لشراء الأعشاب للعلاج، لكن لابد من معرفة المواد الفعالة لتناولها بجرعات كافية لعلاج المرض فتناول جرعة أقل لا يفيد وتناول جرعة أكبر يكون خطر على الصحة.