طباعة

عقد مُؤقت وأمل مُرتقب.. حكايات المتقدمين في مسابقة المعلمين

الإثنين 25/02/2019 03:11 م

مصطفى فرحات

مسابقة المعلمين

في منتصف الشهر الجاري أعلنت وزارة التربية والتعليم فتح باب التقدم لمسابقة العقود المؤقتة عبر موقعها الإليكتروني، ليُقبل عليها مئات الألاف من خريجي كليات التربية والأداب، يملؤهم الأمل في اللحاق بركب الموظفين الحكوميين، الذي أصبح مطمح العاملين بمجال التدريس بعد أن ضاقوا بالعمل في المدارس الخاصة والتي يتقاضون فيها أجورًا لا تتناسب مع حجم الجهد المبذول، بالإضافة للشعور الدائم بأنهم مهددون بترك العمل في أي وقت.
عقد مُؤقت وأمل مُرتقب..
طوال سنوات الدراسة الأربعة لـ"محمد حاتم" بكلية التربية، لم تغادر رأسه احتمالية عدم العمل في المدارس الحكومية، ولم يتعارض ذلك مع رغبته في الحصول على تقدير مرتفع والذي تحقق في النهاية بنجاحة بتقدير "جيد جدًا"، ورغم ذلك لم تغادر الفكرة القديمة عقله "كنت شايف الناس اللي قبلي لما حد منهم بيخلص ما بيشتغلش"، ليتجدد الأمل مرة أخرى في نفس "محمد" بعد الإعلان الأخير الذي طرحته الوزارة، فبمجرد فتح باب التسجيل للراغبين كان متواجدًا بين مئات الألاف يدون بياناته.

التسجيل في مسابقة العقود المؤقتة

عقد مُؤقت وأمل مُرتقب..
بعد تسجيل البيانات الشخصية، بدأ الشروع في الخطوة الأهم وهو عرض التخصصات المطلوبة، خاب أمل "محمد" أحزنته الصدمة التي تلقاها بعد علمه بأن تخصص التربية العام ليس متاحًا وأن الفرصة المتوافرة في الوقت الحالي هو معلم فصل، أي يقوم بالتدريس للسنوات الأولى للمرحلة الابتدائية، فاضطر بالقبول واقتناص الفرصة التي من الممكن ألا تُعوض "التدريس للابتدائي مش صعب لكن الاستفادة دائمًا بتكون من التجارب الأصعب".

رغم أن العقود المؤقتة تبدو في ظاهرها طوق نجاة محتمل لـ"محمد"، إلا إنه لا يُخفي قلقًا يستبد بقلبه تجاه تلك الفكرة، فيقول إن هذه العقود ما هي إلا خطوة نحو التثبيت الفعلي الذي يحتاج إلى تعب كبير قد يمتد بالمعلم لنحو 10 سنوات، ما يعتبره فترة كبيرة قد تجلعه يصرف نظره كليًا عن استكمال التقديم، لكنه يهرب من وطأة الأفكار التي تتدافع إلى ذهنه بافتراض الاحتمالات الأحسن "مش معقولة بعد أما نقدم وننجح يمشونا ومين اللي هيسد العجز مكاننا".

في تصريحات للدكتور "محمد عمر" نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين، يقول إن الوزارة تقوم بتحليل كافة البيانات بدقة سواء نوعية المؤهلات المتقدمة والأعمار والتخصصات، وما يتم الآن من جهود هدفها ضبط المنظومة والقضاء على جميع مراكز الضعف داخل الوزارة، موضحًا أن الوزارة سوف تختار أفضل العناصر المتقدمة للمسابقة، ويتم حصر العجز والزيادة على مستوى المدرسة والذي كان يتم في السابق على مستوى المديرية.
عقد مُؤقت وأمل مُرتقب..
التلاحم بين خبرة الجيل القديم الذي يملك الخبرة وبين شعف وطموح الشباب من الممكن أن ينهض بالمنظومة التعليمية في نظر "محمد"، مضيفًا أنه ألمّ بتلك النقطة أثناء سنوات الدراسة، فبدأ في دخول منظومة التدريس من خلال باب صغير متمثلًا في جيرانه وأقاربه الذين كان يعطي لهم حصصًا مجانية من أجل الحصول على الخبرة وتجاوز حاجز الخوف في الوقوف أمام الطلاب، ليجد محصلة تلك الخبرة في حصول معظم طلابه الحاليين على الدرجات النهائية في مادته "الموضوع مش متوقف على السن أد ما هو متوقف على المهارة في عرض الفكرة".

منذ أن أنهى "أيمن عيسى" دراسته في كلية التربية تعليم أساسي، وبدأ يتصالح هو الآخر مع احتمالية عدم عمله بالحكومة، نظرًا لأن وزارة التربية والتعليم تغلق الباب أمام المتقدمين منذ سنوات عديدة، بالإضافة إلى إلغاء تكليف التعيين، ما يجعل الحصول عليها صعبًا في الوقت الحالي، لكن عندما أعلنت الوزارة عن مسابقة العقود المؤقتة بدأ الأمل يراوده من جديد، فيما اعتبره خيطًا دقيقًا لابد من إمساكه "بندور في الحكومة على الأمان والاستقرار".

بحسب البيان الصادر عن وزارة التربية والتعليم فإن أعداد المتقدمين لمسابقة العقود المؤقتة إليكترونيًا بلغ نحو 430 ألف شخص، وتبين بعد الحصر المبدئي وجود عجز في قرابة 98 ألف معلم، وبعد تطبيق قواعد تدارك العجز انخفضت إلى 68ألف معلم. 

على الرغم من الفرص العديدة المتاحة أمام "أيمن" للعمل في المدارس الخاصة إلا إنه يعتبر بقاءه في البيت دون عمل أفضل من الخضوع لرأسمالية المدارس الخاصة التي لا تفعل شيئًا سوى امتصاص طاقات المدرسين وإخضاعهم لروتينها، موضحًا أن المالك هو المتحكم الحقيقي في المدرسة ويتعامل معها باعتبارها مشروعًا استثماريًا، بجانب المرتبات المتدنية التي لا تتعدى الألف جنيه في أحسن الاحوال، وأن السبب الذي يدفع معظم المعلمين للقبول بها هو الدروس الخصوصية التي تأتي لهم من بعض الطلاب، في حين تتلاشى تلك المشاكل في حالة المدارس الحكومية "بتبقى مُكلف بحصص معينة وخاضع للوزارة".

عندما دخل الشاب العشريني على موقع التسجيل لم يجد تخصصه بين التخصصات المطلوبة، الأمر الذي أربكه وجعله يعتبر التقديم في المسابقة مجرد مجازفة، واتضح هذا الهاجس أكثر عندما شرع في إعداد الأوراق المطلوبة والتي أضافت إليها الوزارة أوراقًا أخرى لم تكن تُطلب قبل ذلك كالفيش الجنائي والقيد العائلي، فيما استغرق تجهيز بعضها أسبوعًا كاملًا، موضحًا أن غرض الوزارة من المسابقة ربما يكون ربحيًا ليس أكثر، وقد لا تختلف عن المسابقات التي أعلنت عنها الوزارة قبل ذلك مثل 30 ألف معلم "نتمنى تخالف توقعاتنا ونشتغل".