طباعة

شوهتي صورة القسم لأنك معاقة.. من هنا بدأت قصة كفاح «بيداء الحبشي»

الخميس 11/04/2019 12:02 م

نرمين الشال

قصة كفاح «بيداء الحبشي»

«بيداء الحبشي»؛ حين تراها لأول مرة تشعر أنك أمام فتاة تحمل في داخلها رزانة الحكماء، وقلب وبراءة الأطفال، وإذا تحدثت معها تدرك أن لديها الكثير من الأشياء التي ترغب أن تتعلمها منها.

قصة كفاح «بيداء الحبشي»
لديها حضور طاغي، وكاريزما شخصية مرحة، تجعل الجميع يلتف حولها، وإذا ما حاولت البحث عن سر يفسر لك كل هذه الأشياء ستجد إجابة واحد أن الله عرف صدق عزيمتها فمنحها قوة الوقوف ضد النظرة النمطية التي تكبل وتعيق تطور آلاف غيرها فانطلقت موهبتها ونجحت في تغيير النظرة النمطية عن ذوي الاحتياجات الخاصة. 

ذوي الاحتياجات الخاصة
دائما كانت فكرتنا أن ذوي الاحتياجات الخاصة، هم أشخاص غير مكتملين بشكل أو بأخر وربما الوصف الدارج لهم أنهم عاجزون وبحاجة لمساعدة دائمة ممن حولهم.
«بيداء الحبشي»، قصة نجاح وتحدي، حينما تتعرف على تفاصيلها ستغير جميع أفكارك عن ذوي الاحتياجات الخاصة فالإرادة استطاعت أن تكون إخصائي نفسي في إحدى المدارس الثانوية بحي سخا بمحافظة كفر الشيخ، وأيضا طالبة ماجستير وصاحبة مشروع صغير.

«بوابة المواطن»، حاورت «بيداء الحبشي» للتعرف على قصة نجاحها:
كيف استطعت اجتياز حاجز الاعاقة لتصبحي نموذج ناجح ومميز 
لا أعتبر نفسي مميزة بالشكل الكبير فمن بين ذوي الاحتياجات الخاصة، نجد أشخاص حققوا معجزات بالفعل، وربما بينهم من هم أشد إعاقة مني فمنهم الرياضيين الحاصلين على بطولات عالمية ومنهم الرسامين ومنهم المطربين ومنهم العازفين، أما أنا فـ مجرد فتاة عادية جدا أكملت مراحل دراستي وحصلت على ليسانس الآداب وسجلت تمهيدي ماجستير بجانب وظيفتي، أخصائي نفسي في أحد المدارس واشتركت مع صديقة وزميلة لي في مشروع صغير، نديره سويا قد يبدوا الأمر غريبا للبعض ولكن أنا أراه طبيعيا لأني أعتبر نفسي إنسانة طبيعية مثل كل الناس. 

من المؤكد أن هناك من دعم تلك الثقة بداخلك؟ 
نعم عائلتي والدي ووالدتي وأخوتي أنا ولدت طفلة عادية لكن نتيجة خطأ ارتكبه الطبيب أثناء ولادتي تسبب في إصابتي باعوجاج في العمود الفقري تسبب في توقف القدم عن النمو، ولكنهم تعاملوا مع الواقع بوعي وثقافة ولم أشعر بالاختلاف عن أقراني في العمر فأتذكر وأنا في المرحلة الابتدائية كانوا يحبونني و يتجمعون حولي وكنت أشاركهم اللعب، واجتزت جميع مراحل التعليم بتلك الروح لكن عندما حصلت علي الثانوية العامة بمجموع 93%، اخترت أن ألتحق بكلية التربية، لكن إدارة الكلية رفضت بحجة أني معاقة ولا أصلح للتدريس.

التحقت بكلية الآداب شعبة لغة انجليزية، ولكن قبل امتحان الترم بـ13 يوم أخبروني أنني لن أتمكن من دخول الامتحان، ولابد أن أحول أوراقي قسم آخر، تظلمت وقابلت رئيس الجامعة لكي أستمر في القسم الذي أحبه ولكني لم اتمكن من ذلك تلك الفترة كانت صعبة جدا في حياتي وربما أصعبها وفكرت في الانقطاع عن الكلية. 

ولكني فكرت ثانية وقلت: «ماذا سيخسر العالم لو انطويت وتركت الجامعة ووجدت أن لا حد سوف يخسر غيري، ورضيت بنصيبي، وحولت أوراقي إلي قسم علم النفس في نفس الكلية وواجهت نفس المشكلة التي واجهتها في قسم اللغة الانجليزية، واصطدمت برئيس قسم علم النفس لأنه كان رافض وجودي بالقسم وقال لي صراحة أنتي شوهت صورة القسم بوجودك لأنك معاقة، ولكني رفضت أن يهدر حقي في الاختيار للمرة الثانية، فواجهته بإصرار ورفضت تحويل أوراقي، وظل يقنعني أن أترك قسم علم النفس وادخل قسم الاجتماع وأقسم لي أني لو دخلت قسم الاجتماع سيقوم بتعيني معيدة في القسم، ولكني رفضت أن أتخلي عن قراري». 
قصة كفاح بيداء الحبشي
قصة كفاح بيداء الحبشي
والحمد لله اجتزت سنوات الجامعة بتقدير جيد جدا، وعملت تمهيدي ماجستير في جامعة طنطا وكان نفس الدكتور الذي رفض وجودي هو رئيس القسم وصدم وقت أن رآني وقال لي «وكمان جاية تكملي هنا»، وقام باختباري والحمد لله نجحت بتقدير امتياز.

وما هو شعورك تجاه هذا الدكتور؟
بصراحة إلي الآن لا أحبه شعرت أن الموقف إجمالا ترك بداخلي علامة سوداء، مثل بعض المواقف الأخرى والأشخاص يتركوا نفس العلامة بداخلي.. فبعض الناس عندما أمر بجانبهم فينظر لي نظرة شفقة مبالغ فيها أو يقول لي ربنا يشفيكي.

غير ذلك ما هي المواقف التي تتعرضي لها باستمرار وتزعجك؟
شعوري أن المجتمع لا يراعي وجود ذوي الاحتياجات الخاصة كفئة لها وجود في المجتمع، هناك عدم مراعاة لظروف أني قعيدة واستخدم كرسي متحرك فهنا في المحافظة لا توجد ممرات خاصة للمعاقين حركيا. 

وبالنسبة لتجربة عملك في المدرسة ؟ 
بعد التخرج قدمت أوراقي للحصول على وظيفة وجاء تعييني في المدرسة التي كنت تلميذة فيها وكان شعوري وقتها لا يوصف فقد سعدت جدا وكان مدرس هو مدير المدرسة وعملت معه في المدرسة 8 سنوات حتى بلغ سن المعاش فلمأستطع أن أكمل في المدرسة لأنه كان يعاملني مثل ابنته، فنقلت عملي إلي مدرسة سخا الثانوية للبنات وأنا حاليا أعمل أخصائي نفسي وأغلب الطالبات أصدقائي يدعون أسرارهم لدي كصديقة وليس كمدرسة، وأنا أشعر أنهم أصدقائي. 

وماذا عن مشروعك الخاص؟ 
فكرة المشروع جاءت لي أنا وزميلتي في العمل نظرا لأننا أصدقاء وفكرنا في شيء يجعلنا نقضي مزيدا من الوقت معا بعيدا عن مبدأ المكسب وأسسنا مشروع لبيع الملابس الجاهزة، منذ خمس سنوات ومن خلال المحل تعرفنا على فتاتين وأصبحنا 4 أصدقاء وتوسع المشروع حتى أصبحنا ننظم معرض «أوبن داي»، على مستوى المحافظة وتوسعت دائرة معارفنا بشكل كبير استفدنا منه كثيرا.

ما هو الشيء الذي تمارسيه كروتين وتودين التخلص منه؟ 
وظيفتي بالمدرسة... لأني لا أري لي مستقبل فيها أنا حاليا أخصائي نفسي، ومهما طال بي فترة العمل لن أكون غير ذلك فلن أتقلد منصب مدير مدرسة أو موجه مثلا، نظرا لإعاقتي فهذا واقع لابد أن أعترف به، ودائما أقول لوالدتي أني أود ترك التربية والتعليم والالتحاق بهيئة أخري أستطيع أن أكون فيها قيادة، أما شهادة الماجستير فهي رسالة شرفية بالنسبة لذوى الاحتياجات مجرد لقب ومن الصعب أن أحصل على عمل في الجامعة. 

بيداء الحبشي
بيداء الحبشي
ما هي نصيحتك لمن هم من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ 
ان يتركوا كلام الناس خلفهم ولا يعيروه اهتمام لأن أكثر شيء يدمر حتى الإنسان الطبيعي هو الالتفات لكلام الناس والتأثر به، لأن حتى الأشخاص العاديين لا يسلموا من الانتقاد وكلام الناس لن ينقطع مهما وصلت لأعلى المناصب.

متى تشعري بالسعادة؟ 
حينما ألتقي بمن لهم نفس ظروفي أشعر بالسعادة وربما يري البعض أن المعاق أو ذوي الاحتياجات الخاصة أشخاص عاجزون أو غير كاملين ولكن هذا علي خلاف الحقيقة تماما، وقد سنحت لي الفرصة أن أحضر عدة لقاءات داخل مؤسسة اسمها " الحسن... قادرون باختلاف " ساعدتني كثيرا على تعلم الكثير من المهارات واكتسبت كثير من الطاقات الايجابية شعرت بأني جددت عزيمتي وإرادتي كما أنا تطلعنا على الجديد دائما فيما يخص ذوى القدرات ويواكب التطور العصري، كانت تجربة رائعة أشعرتني أني لست مختلفة عن من هم حولي، وتمنت وقتها لو أن كل المحافظات تدخل مثل هذه المؤسسات التي تدعم تغير الثقافة تجاه المعاقين وتتعرف على احتياجاتهم.