نشرت صحيفة "الإيكونوميست" البريطانية، تقريرا مطولا حاولت من خلاله أن تطرح رؤيتها حول طبيعة العلاقات التي تجمع بين الممكلة السعودية وإيران، تلك الرؤية التي كونتها من خلال موسم الحج الذي انتهى منذ أيام قليلة.

وترى الصحيفة البريطانية، أن أبرز ما ميز موسم الحج الفائت، هو أنه أعرب عن طيب العلاقات الثنائية بين الجانبين السعودي والإيراني، وهو ما بات واضحا من خلال كلمات الشكر التي وجهتها طهران للسعوديين، لاستقبالهم الجيد للحجاج الإيرانيين، وخاصة من أمير منطقة مكة الأمير خالد الفيصل، الذي وصف الإيرانيين بأنهم إخوة للسعوديين.

اهتمت "الإيكونوميست"، بإلقاء الضوء على لقطة مصافحة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير لنظيره الإيراني قبل بداية موسم الحج وهو ما أعتبرته الصفحة أنه يكون ربما بداية صفحة جديدة لا تشوبها شائبة بين الطرفين على حد وصفها.

وتساءلت الصحيفة، هل تحمل الأيام القادمة تغييرا في العلاقات المتوترة بين السعودية وإيران، والتي تصل في أغلب الأحيان إلى مرحلة العداوة، وهل هناك "صفقة كبرى" تنفذ بشكل دقيق وسري من الجانبين.

تقول الصحيفة البريطانية، أن الفترة السابقة كانت تشهد علاقات متوترة، وبشكل ملحوظ بين كل من السعودية وطهران، واستعرضت لقطات من الماضي، حيث جهود السعودية في اليمن لمواجهة ما أعتبرته نفوذ إيراني هناك، علاوة على مقتل الشيخ الشيعي باقر النمر، الذي أدى إلى حدوث أزمات بين الطرفين، وأدت إلى مهاجمة الإيرانيين للسفارة السعودية، لكن يبدو أن للصحيفة البريطانية رؤية خاصة حول الأمير محمد بن سلمان.

ترى "الإيكونوميست"، أن ولي العهد السعودي يمتلك سياسة ونهج يختلف تماما عن ما سبقه، حيث أنه يريد، وبدلا من مواجهة حلفاء إيران في المنطقة، يريد أن يكسب ودهم وود زعمائهم الشيعة، بحسب الصحيفة.

أعطت الصحيفة البريطانية أمثلة للسياسة التي أتبعها محمد بن سلمان، فعلى سبيل المثال، جدد الأمير علاقات المملكة بالعراق، بعد قطيعة دامت 25 عاما، حيث ستفتح الحدود قريبا أمام الأفراد والبضائع للمرة الأولى منذ عام 1990، وأرسل رئيس أركانه إلى بغداد لتوقيع اتفاقية لتبادل المعلومات الاستخباراتية، واستقبل الوفود التجارية العراقية في الرياض.

وتقول الصحيفة: "الموقف السعودي تغير أيضا تجاه سوريا. حيث اعتاد رجال الدين السعوديون على تحريض المجاهدين السنة ضد العشيرة العلوية التي يفترض أنها تحكم سوريا مع حلفائها الإيرانيين".

وتستطرد الصحيفة: "توقف الأمير محمد بن سلمان عن دعم السنة في سوريا، وحث زعماءهم بالمنفى في الرياض على التوصل إلى حل وسط مع الرئيس السوري بشار الأسد".

على صعيد آخر، ألقت "الإيكونوميست" الضوء على تصريحات بعض المسئولين السعوديين، التي تفيد وفقا لرؤية الصحيفة إنهم يرغبون في كسب ود حلفاء إيران من العرب مرة أخرى، من أجل مواجهة النفوذ الإيراني، ويقول أحدهم: "كلما زاد تفاعلكم مع العراقيين، قل وجود الإيرانيين"، وأضاف أن "العراق ينتمي إلى العالم العربي".

وفقا للصحيفة، يتحدث المراقبون عن وجود تقارب بين السعودية وإيران، وهناك توقعات أنه يتم إبرام صفقة كبرى، قد تجبر السعوديين على الاعتراف بتفوق إيران في شمال الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا، مقابل إطلاق يد السعودية ومنحها حرية التصرف في دول الخليج العربي وشبه الجزيرة.

من ناحية أخرى، ترى الصحيفة، أن المملكة حذرة من أن ينظر إليها على أنها تسترضي إيران، ولن يكون قبول زعماء العراق ذي الأغلبية الشيعية، للسعوديين أمرا سهلا أيضا، كما تعرض الصدر لانتقاد شديد في العراق عقب مقابلته الأمير محمد بن سلمان.

اختتمت "الإيكونوميست"، تقريرها بالإشارة إلى أنه وعلى الرغم من كل التوقعات إلا أن حدوث أي تقدم بين الجانبين السعودي والإيراني سيكون صعبا.