المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

"المركب النهري" كلمة سر بهجة النيل وصاحب أكبر كذبة عرفتها البشرية

الثلاثاء 19/يونيو/2018 - 01:00 م
وسيم عفيفي
طباعة
رؤية النيل في الصور تختلف اختلافاً كثيراً عن الإحساس به حين نجوب حوله في ليلة ساهرة عبر المراكب النهرية، نستشعر حقائق ونكتشف جوانب متعددة من وضع النيل الذي تغير شكلاً وتم تفريغه من حقيقته، فالناس فيه يعومون فضلاً عن الضجيج الذي عزز حالة التلوث البصري والسمعي في كل شيء خاصةً مع موسيقات المركب النهري

منذ فترة ليست بالبعيدة، وبالتزامن مع الخلافات المصرية الإثيوبية بسبب سد النهضة و النيل ، تداول كثيرون من نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي قصة قديمة من التراث الإسلامي، بشأن رسالة عمر بن الخطاب إلى نهر النيل، يوم احتفال مصر بـ "وفاء النيل"، لأول مرة منذ الحكم الإسلامي لمصر. 

نص هذه القصة، يقول "حين دخل شهر بؤونة قابل أهل مصر عمرو بن العاص وقالوا "أيها الأمير ، لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها . قال: وما ذاك ؟ قالوا: إذا كانت اثنتي عشرة ليلة خلت من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر من أبويها ، فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل"، فقال لهم عمرو : إن هذا مما لا يكون في الإسلام ، إن الإسلام يهدم ما قبله.

قال : فأقاموا بؤونة وأبيب ومسرى والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا بالجلاء ، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه : إنك قد أصبت بالذي فعلت ، وإني قد بعثت إليك بطاقة داخل كتابي ، فألقها في النيل .
فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها " من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر : أما بعد فإن كنت إنما تجري من قبلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك ، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار ، وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك"، فزاد نهر النيل وفاض وعم الخير.

المؤسف أن عدداً كبيراً من الصحفيين يثقون في تلك القصة تاريخياً لدرجة أن أحدهم قال على إحدى الصحف القومية "هذه القصة حقيقية والدليل هو سريان نهر النيل بنفس قوته إلى مصر لم ينقص منه شئ بل قد يزيد في الأعوام ويتحول لفيضان يتم تخزينه في خزان أسوان".

لكن كلام التاريخ بشأن هذه القصة مختلف، حيث أن الواقعة لم تحدث أصلاً، لسبب عقلي وآخر نقلي
فأما السبب العقلي هو الاستخفاف بالفراعنة أنفسهم، فكيف لأناس بنوا حضارة لا زالت ألغازها إلى الآن مدار بحث لحلها، وقاموا بهندسات زراعية ومائية، يلجأون لهذه الوسيلة من أجل أن يفيض النيل.

المسألة التاريخية في هذا الموضوع أن تلك القصة رواها المؤرخين اليونانين عن ملك فرعوني اسمه "ايجبتوث"، وقائمة الملوك لا تضم أحداً بهذا الاسم.
مسألة أخرى لم يتكلم فيها مؤيدي ومصدقي هذه القصة، وهي أن حتى علماء المسلمين أنفسهم كذبوا هذه القصة رغم ورودها في كتب تاريخ معتمدة سواءاً كانت للعهد الإسلامي عموماً أو عن مصر في الحكم الإسلامي خصوصاً.
وسبب كذب هذه القصة أن مصدرها الوحيد هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة، والمعروف عند مؤرخي الإسلام بأنه من كبار المدلسين.

أخبار تهمك

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads