من اضطهاد اليهود لتكفير المسيحيين.. أيام في حكم " تراجان " لـ مصر
الأحد 24/يونيو/2018 - 12:09 م
مريم مرتضى
طباعة
يُعد " تراجان " هو أول إمبراطور ينحدر من سلالة رومانية، وُلد في عام 53م في مدينة يتاليكا بـ أسبانيا لأبوين رومانيين، وقد كان أبوه عضوًا فى مجلس الشيوخ، ثم أصبح فيما بعد حاكمًا لسوريا في عام 77م والتي كانت إقليمًا مهمًّا فى الإمبراطورية الرومانية.
شارك " تراجان" في الحروب إلى جانب الإمبراطور "دوميتيان نيرفا"، وظل يترقى في الجيش، حتى أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ، وحصل على مناصب عسكرية عُليا في عدة دول مهمة مثل أسبانيا وسوريا وألمانيا، وفي عام 97م أعلن الإمبراطور "دوميتيان نيرفا" "تراجان" وريثًا له ووليًا لعهده، وحينما تُوفِّى عام 98م، تولى تراجان الحكم.
تراجان
قام تراجان بإعلان المسيحية ديانة محرمة، واتخذ عدة إجراءات تعسفية لكي يضع حدًا لانتشارها، وحكم على كثيرين منهم بالموت، وأرسل بعضًا آخر إلى المحكمة الإمبراطورية بروما، وظهرت روحه العدائية تجاه المسيحيين بوضوح من خلال رده على رسالة أرسلها له بلينى حاكم ولاية بيثينية بآسيا الصغرى، يخبره فيها بأن الديانة المسيحية تزداد انتشارًا بشكل مزعج، وأصبح لها سلطان على الناس من كل سن ومركز وجنس حتى المعابد الوثنية هجرت، ولكى يضع حدًا لهذا الانتشار المضطرد، سأل تراجان عن المزيد من التعليمات بخصوص طريقة معاملة المسيحيين وهل يراعى كبر السن؟، أم لا.
وقد أجاب "تراجان" على هذه الاستفسارات برسالة جاء فيها:" لقد سلكت يا صديقى الطريق السوي فيما يختص بالمسيحيين، لذ لا يمكن وضع قاعدة عامة تطبق على كل الحالات فى هذا الصدد، لا ينبغى السعى فى طلبهم، لكن إذا أشتكى عليهم وجدوا مذنبين فلابد من معاقبتهم، ومع ذلك فإذا أنكر أحد أنه مسيحى وبرهن على ذلك عمليًا بالتضحية لآلهتنا فليصفح عنه بناًء على توبته"، وبناء على قرار الدولة هذا تعرض المسيحيين لاضطهادات عنيفة.
تراجان
ووجدت إحدى البرديات تتحدث عن وصول وفد سكندري مكون من 11 عضو، وآخر يهودي يضم 7 أعضاء إلى روما، ومن المعروف أنه وقت حكم تراجان عاد اليهود إلى أورشليم، وقرروا الخروج على طاعته، فأرسل جيشاً لمحاربتهم، وظلت الحرب بينهم زمانًا طويلاً، وقد حارب اليهود عددًا كبير من المدن التى تتبع روما، حتى وصلوا إلى مِصر والإسكندرية، وقاتلوا ما فيها من جيوش رومانية وتغلبوا عليها وطردوا حاكم مِصر، فقام تراجان بإرسال حاكم آخر وزوده بجيش عظيم، وظلت الحرب تدور خصوصًا لقيام الفتن والنزاع بين يهودىّ الإسكندرية ويونانيّها لعداوة شديدة قديمة بينهما، وتفاقمت الخلافات حتى آل الأمر على قيام اليهود على الدولة الرومانية وإشهارهم بالعصيان فى مصر، فحاول الوالى الرومانى أن يقمع ثورتهم فلم يتغلب على الثائرين وكانوا تحت قيادة رجل أسمه لوكاس من يهود قورينة فظل فى هذا الأقليم مدة سنتين يحارب الرومان وعاثوا فى الأرض فسادًا حتى أصبحت ولاية ليبيا تئن من أهوال هذه الحرب الداخلية إلى أن أرسل الأمبراطور أخيراً القائد مارسيوس توربو بجيش جرار إلى مصر لمحاربتهم وبعد قتال عنيف جرى فى عدة مواقع إنهزم اليهود شر هزيمة وقتل ألوف منهم وجردوا عقب هزيمتهم من أمتيازاتهم الوطنية تجريدًا شرعيًا, وبهذه الهزيمة ضاعت آمالهم وخابت أحلامهم فيما ينتظرون من عودة الحرية ووطنهم إليهم ومن ذلك العهد أصبحوا يعتنقون المسيحية أفواجًا أفواجًا.
تراجان
قام تراجان بتجديد الخليج البطليموسي الذي يقوم بربط نهر النيل بالبحر الأحمر, والذي كان يعاني من الإهمال، فقام تراجان بترميمه، وأضاف إليه حتى وصل "بابليون", ولا شك أنه الخليج الحالى بعينه, وقد رمم مرة ثانية وزيد طوله قليلاً فى العهد الإسلامى.
كما قام تراجان ببناء قلعة بابليون العظيمة المعروفة بقاياها الآن باسم "قصر الشمع"، والتي كانت تحتوي بداخلها كنيسة واحدة، أما الآن فهناك ستة من أقدم الكنائس المسيحية في القاهرة.
وقت حكم "تراجان" زاد الاهتمام بالديانات المصرية القديمة، وأحبه المصريون لذلك كثيرًا، وزادت شعبيته هو وزوجته، حتى أنه قامت إحدى السيدات المصريات بتشييد معبد في دندرة باسم الربة أفروديتي، للإمبراطورة أفلوطينا زوجة "تراجان"، وتم اعتبارها ربة مؤلهة مع حتحور الربة المصرية.
وقد اهتم تراجان كثيرًا بمصر وشعبها، حتى أنه وقت المجاعة التي وقعت عام 99م، بسبب انخفاض فيضان النيل، تابع "تراجان" الأمر بنفسه وأعطاه كل الاهتمام, وقام بإرسال أسطول كبير مُحمل بالغلال لمصر مما كان محفوظًا لحاجة روما, وبذلك خفف من ضائقة البلاد.
عملة من حكم تراجان
