أثار إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإسناد تسيير أعمال جهاز المخابرات للواء عباس كامل، موجه من التساؤلات لدى الكثيرين، فأهمية القرار تأتي لعدة أسباب، أهمها تلك الطريقة التي اعتاد الرئيس على اتباعها من حيث السرعة والدقة والحسم مع الملفات التي لا تقبل المماطلة، والتي طبقها أيضًا هذه المرة في تنحية اللواء خالد فوزي وتولية اللواء عباس كامل مقاليد الأمور، وهو ما دفع وسائل الإعلام العالمية، والتي غالبًا ما تكون على صلات وثيقة بأجهزة المخابرات العالمية للإهتمام بالقرار من جميع النواحي.
السبب الثاني الذي أكسب القرار أهمية خاصة، هو الثقل الإقليمي والعالمي الذي باتت تمثله مصر، وبالتبعية فإن قرار تغيير مدير المخابرات العامة في دولة بهذا الثقل والتأثير لابد له وأن يحظى بهذا الاهتمام الإقليمي والعالمي، فكان لابد للتكهنات والتخمينات أن تظهر بهذا الشكل، والتي ربما كانت مدفوعة في اتجاهات بعينها لتصور الوضع على غير حقيقته حتى تحقق من وراءه مكسبًا من نوع ما أو تزعزع به استقرار البلاد.
أما ثالث الأسباب التي صنعت تلك الهالة حول القرار، فمرتبطة بالشخصيات التي جاء ذكرها في القرار بداية من الرئيس السيسي، مرورًا باللواء عباس كامل واللواء خالد فوزي، فالثقل الذي تمثله تلك الأسماء، وطبيعة الشخصيات الفاعلة في القرار، تمثل عامل جذب كبير لجميع القوى سواء إعلاميًا أو مخابراتيًا أو حتى جماهيريًا للبحث وراء الأسباب والدوافع التي سبقته.
بوابة المواطن الإخبارية بدورها حرصت على تقصي أسباب القرار، مراعية في ذلك المسئولية المجتمعية التي تحتمها مقاليد المهنية الإعلامية والالتزام بالثوابت الوطنية، خاصة في موضوع يتعلق بجهاز ربما كان الأخطر بين الملفات الأمنية التي تهم أي دولة، فضلًا عن كون تلك الدولة هي مصر التي قدر لها أن تكون في وسط تلك الموجات المتلاطمة محليًا أو إقليميًا أو عالميًا.
حقيقة ما حدث..
وبناءًا على ما سبق، كان لزامًا على "بوابة المواطن"، أن تنقل حقيقة ما حدث مدعومًا بالأدلة والمصادر الموثوقة، حيث أكد أحد النواب وثيق الصلة بالملفات الأمنية في المجلس، أن السبب الحقيقي وراء تنحية اللواء خالد فوزي، هو تدهور حالته الصحية التي جعلته لا يستطيع إكمال رسالته داخل الجهاز بالشكل الأمثل، فاختار ما فيه المصلحة العامة، وتقدم بطلب التنحي عن منصبه.
اللواء خالد فوزي.. مهندس عمليات الظل..
قبل التطرق إلى أي من جوانب القرار، يجب أن نتعرف أولًا على شخصية اللواء محمد فوزي، فالرجل الحاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية بالكلية الحربية مشاة عام 1978، التحق بجهاز المخابرات العامة المصرية برتبة نقيب سنة 1982، وتدرج في جميع الوظائف بهيئة الأمن القومي، حتى وصل إلى رتبة لواء، ثم تم الدفع به إلى منصب رئيس هيئة الأمن القومي سنة 2013، ثم مساعداً لرئيس المخابرات العامة المصرية لشئون الأمن القومي، حتى أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قراراً جمهورياً بتكليفه بالقيام بأعمال رئيس المخابرات العامة، اعتبارًا من 21 ديسمبر 2014، وبذلك يكون الرئيس رقم 20 للجهاز منذ تأسيسه.
وبغض النظر عن طبيعة تكوين "فوزي" العسكرية والأمنية فريدة الطراز، إلا أن جميع من اقتربوا منه يعلمون جيدًا وطنيته، وكيف أنه يتبع دستورًا خاصًا به في حب مصر، يجعله يقدم مصلحة الوطن فوق أي اعتبار مهما كان، ما جعله يتحامل على نفسه فوق طاقته خلال الفترة الماضية حتى وجد نفسه مضطرًا للتنحى مراعاة لمصلحة الوطن.
وأخيرًا وليس آخرًا، فاللواء "فوزي"، أو "مهندس عمليات الظل" - كما يحلو للبعض تسميته ربما بسبب تجنبه البحث عن الشهرة أو الظهور – رغم ظروفه الصحية التي بدأت تتزايد مع الإرهاق غير الطبيعي الذي يتناسب مع الجهود التي يبذلها، مثلما حدث في ملف المصالحة الفلسطينية التي بذل فيها جهدًا خارقًا، إلا أن أحدًا ممن كانوا حوله لم يشعروا بذلك نظرًا لأنه كان يقوم بجهود مضاعفة وكأن الرجل يمتلك رئات إضافية.
ودعّمت مصادر خاصة ببوابة المواطن الإخبارية، تأكيداتها لما قاله النائب مصطفى بكري، حيث أكد أن اللواء خالد فوزي، يعاني من مشكلات صحية، منعته من استكمال رسالته بالشكل الذي يرضيه هو شخصيًا، ليختار مصلحة الوطن، وتقدم بطلب لرئاسة الجمهورية يلتمس فيه إعفائه من المنصب، وهو ما قوبل بالموافقة مراعاةً لحالته الصحية، مع علم مؤسسة الرئاسة وعلى رأسها الرئيس السيسي أن رجل بمواصفات "خالد فوزي" لن يقدم على خطوة مثل هذه الخطوة إلا تحت ضغوط صحية فوق تحمل البشر العاديين، فقررت ترتيب إجراءات سفره وعلاجه في الخارج.
