يستيقظ من نومه مبكرًا، يستقبل الحياة بصدر رحب، ويبادر جيرانه الابتسامة هادئة، ويظن البعض أنه ذاهب إلى عمل ينتظره كل يوم، ولا يعلمون أنه مازال في رحلة البحث عنه، التي بدأت منذ 13 عامًا، ولم يكتب لها نهاية حتى الأن.

" شعبان محمود".. ذلك الرجل الذي يتردد على المقاهي ويجالس الناس لعله يظفر بمساعدة أحدهم، لكنه يفشل، فيبادر بسؤال أصحاب المحلات والورش، ليتلقى ذلك الرد الذي يتردد على أذنيه صباحًا ومساءًا كل يوم، بل كل لحظة "البلد حالها واقف ومفيش شغل".

هكذا يسير يوم "محمود" منذ 13 عامًا دون أي جديد، فيظل يبحث هنا وهناك حتى ينتهي به المطاف إلى "شغلانة باليومية" يسد بها بعض احتياجات أسرته.

ويقول: "بقالي سنين بدور على شغل ثابت ومش لاقي، كل ما أسأل حد على شغل يا إما يقولي معرفش يا إما البلد مفهاش شغل، بس ربنا مش بيرضي يكسر بخاطري وبيرزقني بحبة رمل أشيلهم أو أساعد أي نقاش أو بنا باليومية وأخدلي 50 جنيهًا أروح بيهم للعيال، بس ده مش بيحصل دايمًا، كتير بلف على رجلي طول اليوم، وفي الآخر برجع بطولي مفيش في جيبي مليم".

يعيش "شعبان" في أحد أزقة "حكر السكاكيني" بالشرابية برفقة زوجته وبناته الثلاثة في غرفة صغيرة تحتوي على حصيرة وبطانية، وباع كل ما كان يملكه، من أجل الحصول على أموال.

ويؤكد أن تدهور صحته كان سببًا في حرمانه من فرص عمل كثير كاد أن يحصل عليها، متابعًا:"عندي مرض في الجلد معرفش اسمه، بس بيخليني أقع من طولي، وبيأثر على العروق عندي، مبقدرش أشيل حاجات تقيلة أو أبذل مجهود.

وتابع: "رحت اشتغل مبيض محارة في شركة "المعمار" طردوني تاني يوم، وقالولي أحنا عاوزين شباب صغيرة تشتغل وفيها صحة وانت متنفعش، كل يوم بدور على شغل ولحد دلوقتي كل الطرق مسدودة في وشي لحد ما فقدت الأمل، واتكتب عليا أعيش وأموت عاطل".