يستهوى المصريون التقليد ويعشقون الدراما، ربما يبحثون بذلك عن أشياء لا يجدونها في محيطهم، باحثين عن ذلك في مختلف الثقافات، وتربعت الدراما الهندية على عرش المفضلات من غيرها في السنوات الأخيرة، خاصةً لدى الفتيات المصريات، ووصل ذلك حد "الهوس"، الأمر الذي جعلها ظاهرة تستحق الرصد للوقوف على أسباب الهوس الهندي لدى المصريات.

التقارب الثقافي والحضاري
فسر هاني فؤاد، مساعد الأمين العام لجمعية الصداقة الهندية، سبب ولع المصريون بالهنود، قائلًا: "يرجع ذلك إلى التقارب الثقافي والحضاري بين مصر والهند وتأثرهم بالأغاني والدراما الهندية"، مشيًرًا إلى أن الجمعية تعمل على زيادة التقارب بين الحضارتين من خلال تنظيم الندوات والفعاليات.

وأوضح "فؤاد" أن هناك عددًا كبيرًا من الفتيات يقبلن على دراسة اللغة الهندية حتى يستوعبن المسلسلات والأفلام الهندية، مؤكدًا أن "الكورسات" الخاصة بالرقص وتعليم اللغة الهندية، لاقت إقبالًا كبيرًا من المصريين، خصوصًا الفتيات في أعمار مابين الـ 20 - 25.

وأشار مساعد الأمين العام لجمعية الصداقة الهندية، إلى الإقبال المتزايد على تعلم اليوجا الهندية، لأنها تساعد على هدوء الأعصاب وصفاء الذهن.

تمازج التراثين
وعلى نفس الوتيرة، قالت الدكتورة نوال المسيري، أستاذ التراث بالجامعة الأمريكية سابقًا، إن أبنائها وأحفادها يعيشون لعقود طويلة بالهنود، دون أن يشعروا بفرق في الثقافة بينهم وبين الهنود.

وأرجعت "المسيري" عدم شعور ذويها بفروق كبيرة بين ثقافة البلدين، أن الثقافة الهندية قريبة جدًا من المصريين حتى المنسوجات اليدوية، متابعةً أن هذا ربما يكون سر حب المصريون للهنود وولعهم بهم.

"مش هتجوز غير هندي"
وفي سياق متصل، أكدت "الشيماء أحمد" - فتاة عشرينية، أن أخلاق وعادات الهنود والتي عكستها الدراما الهندية، هى الدافع الأساسي والمحفز لها لتعلم اللغة الهندية من خلال المركز الثقافي الهندي وقراءة الكتب الخاصة بهم.

وذكرت "الشيماء" أن الدراما الهندية والرغبة في السفر إلى الهند ومعايشة أجواء المسلسلات والأفلام، الدافع الأكبر لمعظم الفتيات بالمركز لدراسة اللغة الهندية، رغبة منهن في التواصل بشكل أفضل مع الشعب الهندي، والقدرة على فهم الأفلام والمسلسلات الهندية بشكل أفضل.

وأضافت "أحمد"، أن قسم اليوجا الهندية بالمركز الثقافي الهندي يحظى بإقبال كبير من جميع الأعمار، أكثر من تعلم اللغة الهندية نفسها، ولا يقتصر على الشباب فقط.

وقالت "الفتاة العشرينية"، بلهجة يملؤها الإصرار: "مش هتجوز غير هندي حتى لو فضلت طول عمري من غير جواز"، مؤكدة أن سبب ذلك هي الطيبة التي يتمتع بها الهنود على عكس المصريين، وقدرتهم على التعامل مع المرأة واحترامها بشكل يليق بها، بخلال المصري الذي يتعامل مع المرأة على أنها جسد فقط، أما الهندى فينظر للمرأة على أنها أله مقدس، على حد وصفها.

وفيما يتعلق بنظرة المجتمع للهنود على أنهم مرفهون كما تعكس تبرزه الدراما الهندية، وأشارت "الشيماء" إلى أن هذا غير صحيح، إذ يعاني أغلب سكان الهند من الفقر أكثر من المصريين، إلا أنهم على الرغم من الفقر لديهم قدرة كبيرة على التعايش، محتفظين بالأخلاقياتهم، مشيرات إلى أن أكثر ما يمتاز به الشعب الهندي التواضع والطيبة، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى السذاجة.


السر في الرقص الهندي
وفي السياق ذاته، قالت "أمينة أسامة" - 20 عامًا: "أنا جايه علشان شاروخان وأميتاباتشان هما اللى حببوني فى الهندى"، مبينةً حبها للرقص والأغانى الهندية.

الكبت المجتمعي
وفسر الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الازهر، أن قرب الثقافة الهندية من الثقافة المصرية ومناقشتها لنفس المشكلات، أسباب رئيسية لذلك الهوس الهندي المنتشر بالمجتمع المصري.

وأشار السمالوطى أن المرأة المصرية تحاول محاكاة الهندية فى رقصها، بالإضافة إلى حالة الكبت التي يعاني منها المصريون، والتى تدفعهم للبحث عن أي مخرج لهذه لحالة.

وأضاف أن المصريين مغرمون ومولعون بالثقافة الهندية، وهذا يفسر الترحيب الذي رأيناه بالفنان الهندي أميتاباتشان والهنود بمصر.