وصفها الكثير ببلد شيخ العرب بلد الحمص والحلاوة لوجوده بها.. إنه "السيد البدوى" واحد من أقطاب الحقيقة لدى الصوفية، حيث أجمعوا على اتصال نسبه بالإمام الحسين بن علي بن أبي وجاء من بلاد المغرب ليتخذ مدينة طنطا مقرًا له ربا فيه مريديه وتلاميذه كما يروى أجدادنا على منهج التصوف الربانية.

كما يعتقد الكثير من محبيه والذين يأتون إليه بشكل أسبوعي وإن لم يكن يومي للبعض الآخر، أما صلاة الجمعة بمسجد فتكاد لا تجد مكانا لوضع قدميك هناك اعتقادا منهم بالتبرك وتقديم النذور ويراها العديد أنها عادة لا يمكن قطعها.

لُقب بالبدوي كونه كان دائم تغطية وجهه باللثام كأهل البادية وله الكثير من الألقاب أشهرها شيخ العرب والسطوحي وغياب الأسير يعتقد مريدية بالتبرك بمقامه، فهناك ولد البدوي بمدينة فاس المغربية، وهاجر إلى مكة مع عائلته في سن سبع سنوات، واستغرقت الرحلة أربع سنوات منهم ثلاث سنوات أقاموها بمصر، وعندما بلغ الثامنة والثلاثين من عمره سافر إلى العراق مع شقيقه الأكبر حسن ورجع بعد عام واحد إلى مكة ثم قرر في نفس عام رجوعه الهجرة إلى مصر، وتحديدًا إلى مدينة طنطا لتكون موطن انتشار طريقته هذا ما رواه لنا أمام مسجده.

وبينما نحن نتجول داخل المقام، إذ بشخص يقول "ياجياب الأسير"، فأقتربت منه لما دعوت بتلك قال أشهر ما يتداوله العامة هنا أن الشيخ كان ينقذ الأسرى المصريين من أوروبا الذين تم أسرهم في الحروب الصليبية، ولذلك انتشرت مقولة في التراث الشعبي هي "الله الله يا بدوي جاب اليسرى" أي أن البدوي قد جاء بالأسرى عندما كان ينقذ الأسرى المسلمين من أيدي الصليبيين أيام الحملات الصليبية على مصر في عصره وهناك من يقول أن البدوي ظل ينقذ الأسرى بعد مماته إلى عصر متأخر.

يعتبر الاحتفال بمولد "البدوي" من أكبر الموالد في مصر ومن أهم مصادر تنشيط السياحة الدينية لطنطا، حيث يفد إليها نحو حوالى 2 مليون زائر وتحتفل 70 طريقة صوفية به، ويقام في منتصف أكتوبر من كل عام لمدة أسبوع وسط إجراءات أمنية مشددة، وقد ساعد إقامة مولد البدوي كل عام في ربط الشمال المصري بجنوبه، حيث أن كثير من أهل الصعيد لا يزورون الوجه البحري إلا في موعد إقامة مولد البدوي، ويقام للبدوي احتفالًا آخر يعرف بالمولد الرجبي في النصف الأول من أبريل لمدة أسبوع أيضًا هذا ما قاله لنا أحد المجاذيب رغم تعليمه العالى المحاسب هيثم الشناوي.

وأوضح محروس السيد أحد مريدي السيد البدوي من محافظة القليوبية، أنهم يحضرون كل عام بمولد السيد البدوى ولا يقطعون عادة الذبح ويطعمون المساكين ليشاركوا مؤيدى ومحبى البدوى ليلة مولده وسط الآلاف من الصوفيين ومحبى آل البيت، مؤكدًا أن هذه الذبيحة ذبحت لكل من له نصيب أن يأكل منها و"بناخد نفحة ربانية من وراها".

وقال عبد الفتاح المليجي، أن مجيئه لزيارة سيدى أحمد لعلمه الشديد عما قرأة في كتب الصوفية عن هذا القطب، وعن كراماته قال أن أكبر كرامة للبدوي هي أنه قد ربّى رجالًا وكوّن أبطالًا مجاهدين وأخذ العهد على مريده بالتوبة والرجوع إلى الله وسنّة النبي محمد.

وتروي أم على سيدة مسنة، تنزوى إحدى أركان حجرة المقام، أنها ترى نفحات وبركات بأولادها كلما جاءت لهذا المكان منذ ما يقارب الـ30 عامًا، وأنها اعتادت على هذا أيضًا، ويكفى البدوي فخرًا رؤيته لجده في اليقظة في الروضة وسماعه، وتلقيه عن حضرته صلى الله عليه وآله وسلم، فقد وقف أثناء زيارته له أمام حجرته وأنشد يقولون زرتم بما رجعتم يا أكرم الرسل ما نقول فرد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام بقوله قولوا رجعنا بكل خير واتحد الفرع والأصول.

ويتدخل الشيخ محمود البرعي، أحد أبناء الطريقة الشاذلية، ينتقد البعض الكرامات المنسوبة للبدوي ويشككون أنه كان صوفيًّا ويتهمونه بأنه كان شيعيًا، فهؤلاء لا يعرفون المعنى الحقيقى للإسلام فالأولياء هم من يختار زوارهم ومحبيهم فكتب الشيخ تملأ أركان العالم العربى أين التشيع بها فمنهجة كتاب الله والسنة النبوية الشريفة.

استقبل أهل طنطا أحمد البدوي استقبالًا كبيرًا، وقضى وقتًا طويلًا فوق السطوح حتى لا يحجبه شيء عن السماء لذلك سمي بـ السطوحي، وكان يربي المريدين حتى يستقيموا فيرسلها للدعوة في مناطق مصر والشام واليمن هكذا روى لنا محمود طه واحد من سكان المنطقة الأحمدية.

ويقول الشيخ منصور أحد مجاذيب "البدوي" بصوت خافت وكلمات مهذبة: "يا بني إنها رحلة الأحوال والمقامات مرورا بالفناء بالله للسعي نحو الاستقرار بالله ولا يمكن الوصول إلى أحد المقامات إلا بعد المرور من عدد من الأحوال والأحوال هي حالات عابرة يعيشها المتصوف في لحظة المكاشفة إنه سفر للعودة إلى الذات مطهرة فالزمن الصوفي هو زمن دائري ينطلق من الذات ليعود إليها بعد ما أخضعها العمل الصوفي لفعله وبعد عبور مراحل تعرف بعدها الذات تحولا ربانيا".

واختتم الحوار إمام مسجد البدوى الشيخ أحمد المداح: "كلنا هنا في خدمة مريدى سيدنا محبة منا قبل تأدية عملنا نرى أفعال تغضبوا ممن ينسبون أنفسهم بالصوفية وهم لا يعلمون عنها شيئا" بالصوفية أهل الصفاء والزهد كما تعلمنا من شيوخنا الأجلاء ونقوم على قدر المستطاع بنعمل جاهدين على تعليمهم مفهوم الصوفية الصحيح".