حقبة مهمة من تاريخ القضاء المصري، وآلاف القصص تحكيها الجدران العتيقة الممتدة لمحكمة الحقانية، أو كما يُطلق عليها "سراي الحقانية"، وهي أقدم المحاكم المصرية على الإطلاق، والكائنة في منطقة المنشية، التي أطلق بداخلها الرصاص على الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وكانت تتضمن مبنى البورصة القديم والاتحاد الاشتراكي وتمثال محمد علي، وبنيت عام 1886، وافتتحت في عهد الخديوي إسماعيل.

أكبر محكمة مختلطة
وتتضمن محكمة الحقانية، التي تعد أول وأكبر محكمة مختلطة فى مصر، بعد إلغاء المحاكم القنصلية، العديد من الوثائق والمخطوطات المتميزة، حيث تحكي تاريخ حقبة مهمة من تاريخ القضاء المصري، وتضم ملفات وسجلات مهمة تكشف خبايا في تاريخ مصر القديم والحديث، وتحديدًا منذ عام 1825، ربما كان من أهمها تلك الملفات الخاصة بالقضاء المختلط، منذ إنشاء السراي وحتى 1945، وتضم هذه الملفات سجلات رؤساء المحكمة المتعاقبين والموظفين الذين عملوا فيها، ورواتبهم ودرجاتهم الوظيفية.

خبايا تاريخ مصر 
وتضم المحكمة، الأختام الخاصة، والتي تعد قِطَعًا فنية نادرة، ومنها السيف والميزان رمز العدالة، وخاتم الملك فؤاد، إلى جانب عدد من الساعات النادرة، واللوحات الفنية الخاصة بكبار فناني العالم، ومقاعدها ذات الطابع التاريخى القديم، كما تضم 6 خزائن حديدية ضخمة، كانت مخصصة للأحراز التي تم التحفظ عليها في عدد غير قليل من القضايا.

كما يضم أرشيف المحكمة نحو 1200 فرمان صادر من الباب العالي في الأستانة بتركيا، قبل استقلال مصر عن الدولة العثمانية، تحمل توقيع عدد كبير من المماليك.

حرق المحكمة وتدميرها 
وكانت المحكمة قد تعرضت لحريق هائل في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، دمر كثيرًا من أوراق القضايا والملفات الموجودة بها، ولم يعرف بعد سبب الحريق أو من ورائه، ثم أمر وزير العدل بتحويل المحكمة إلى متحف كبير بالتعاون مع وزارة الآثار ووزارة الثقافة.

إهدار مئات الملايين
وتم بالفعل اعتماد مبالغ لترميم المبنى، لكنه لم يكتمل بعد، حيث توقفت الأعمال، وكل ما تم فقط هو وضع سقالات حديدية داخل المبنى، لتظل غرفه المتعددة مكانًا ومأوى للفئران ومخزن للباعة الجائلين الذين يقومون بإلقاء القمامة داخل المبنى ليلًا، وتحولت الملفات وقضايا المواطنين إلى "كوم تراب" بسبب غياب الرقابة على أعمال الترميم، التي توقفت دون سابق إنذار.

وعلى الرغم من التاريخ التي تحمله محكمة الحقانية، إلا أن ذلك لم يشفع للمسؤولين بالمحافظة أن يهتموا بمبناها، الذي يعد كنزا ليس فحسب لقيمته التاريخية، ولكن أيضًا للمقتنيات التاريخية النادرة التي يحتويها وتقدر بمئات الملايين من الدولارات.

وأوضح المهندس وعد أبوالعلا، رئيس قطاع المشروعات، أن مشروع ترميم وصيانة محكمة الحقانية يحتاج إلى 35 مليون جنيه، كمرحلة أولى، حيث سيتم على مرحلتين، ولم يحدد بعد تكاليف المرحلة الثانية.

وأضاف أبو العلا، في تصريحات صحفية، أنه تم تمويل المشروع بـ3 ملايين جنيه، من قبل وزارة العدل، و2 مليون من وزارة السياحة، والأعمال متوقفة في الوقت الحالى للبحث عن تمويل.