المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

"سافونارولا".. قس مسيحي بفكر داعشي.. استغل الشباب في الدعوة للمسيحية بالإكراه

الثلاثاء 12/يونيو/2018 - 06:20 م
مريم مرتضى
طباعة

مع بدايات حركة الإصلاح الديني في العالم، نجد أنه كان يوجد شخص مؤثر بشكل كبير في تاريخ الكنيسة، إنه القس " سافونارولا " الذي انتهت حياته مصلوبًا ومحروقًا، وكان هو أول من أطلق في إيطاليا الدعوة إلى إصلاح الكنيسة الكاثوليكية من داخلها بتخليصها من أدوارها السياسية وإعادتها إلى واجباتها الروحية فقط، واعتبر أن سلطتها السياسية تسببت في فسادها وفساد رجال الدين، واتهمها بالجاهلية والوثنية بسبب اهتمامها بالطقوس والشعائر أكثر من اهتمامها بالروحانيات والأخلاق المسيحية.

كان "سافونارولا" شخصية معارضة، ودائمًا ما كان يثور على الكنيسة وعلى النظام بها، وحتى طبقة الكرادلة والكهنة في الكنيسة لم يسلموا من هجومه الذي تمادى إلى حد الهجوم على البابا نفسه، ومحاولته استعادة الكنيسة إلى ما يراه لها من نقاء وطهر من كل ما عاث بها من فساد وانغماس في المصالح الدنيوية والسياسية.
سافونارولا
سافونارولا


حلم العودة للحواريين

كان "سافونارولا" يحلم ويسعى إلى العودة لفجر المسيحية الأول، أيام الرُسل والحواريين أصحاب المسيح الأوائل، فمن وجهة نظره كان يرى أن هؤلاء هم السلف الصالح، ومعهم كانت المسيحية خالصة بدعوتها لله ولقلوب البشر ونقية من أي مصلحة سياسية ودنيوية لمؤمنيها وقادتها، وبدعوته هذه كان يستبطن الإدانة لرجال الكنيسة في عصره وللبابا على رأسهم، لفسادهم ونفاقهم وانغماسهم في المكاسب والمصالح، وسافونارولا كان سليل أسرة أرستقراطية ميسورة عاش في بلاط الملوك والأمراء جزءًا من مراهقته، لكنه كان ذا طبع منعزل يتجنب الاختلاط بأقرانه في اللهو والحياة، كما كان متواضع الملامح أميل إلى القبح، كما يروي معاصروه، وذا مشاعر غاضبة، وربما زاد في مشاكله الذاتية تجربته الفاشلة في بدايات شبابه مع إحدى النساء النبيلات الفاتنات التي هام بها عشقًا ورفضته بقسوة ما إن طلبها للزواج.
هذا المبشّر ما إن دانت له السلطة السياسية في فلورنسا وأصبح الحاكم الخفي والمُهيمن على أعضاء مجلس المدينة، حتى بدأ بإعادة تشكيل المدينة وسكانها والحياة العامة فيها وفق رؤياه وبما يخدم مشروعه، مستخدمًا كل وسائل العنف والعدوان المخصصة للدولة.
وقام سافونارولا بخيانة شعبه لأنه كان وقثًا لمعتقداته كان يرى أنه وفيًا لمعتقده وإيمانه الديني، فقام بالوقوف ضد تحالف الممالك الإيطالية المسمّى الرابطة الإيطالية، والتي شكلت لاحقاً نواة الوحدة القومية للشعب الإيطالي، معتبرًا الرابطة المسيحية أقوى وأشمل لكل شعوب أوروبا، وهو ما سهل له الاستعانة بالملك شارل الثامن ملك فرنسا، الذي غزا فلورنسا لمنع انضمامها إلى التحالف المذكور، للحفاظ على سلطته ونفوذه فيها.
تمثال لـ سافونارولا
تمثال لـ "سافونارولا"


الدعوة للدين على طريقة داعش

أدرك "سافونارولا" أن الشباب وصغار السن، هم المادة الخام التي يمكن توظيفها كقوة ضاربة، فقام برسم عدة خطط، وبدأ في استقطابهم إلى الكنيسة تدريجًا، وجعلهم يمتنعون عن الرقص والموسيقى، ويقصون شعورهم ويهجرون سباقات الخيل وحانات السهر والحفلات العامة، ثم بدأ بتقسيمهم مجموعات عدة هي: فرقة المصالحين الذين يفضّون المشاجرات، وفرقة المصلحين الذين يقمعون الرذيلة العامة، وفرقة المفتشين ومهمتهم البحث عن عورات الناس وأخطائهم وتصيد المخفي منها، وفرقة جامعي الصدقات، وفرقة عمال التنظيفات، واستطاع بسلطته الروحية المهيمنة على أعضاء مجلس المدينة أن يحصل على ترخيص رسمي لتلك الفرق فتحولت إلى قوة إرهاب مقدس تلاحق النساء في الشوارع وتجردهن من حليهن وزينتهن بالإكراه، وفي أيام الصيام تُهاجم محال الحلوى وتتلف المأكولات وكذلك الحانات وتلاحق لاعبي الميسر، ولم ينج الكبار منها، بل كانت لديها متعة خاصة بتنفيذ واجبها كصغار بإصلاح الكبار، كذلك كانت تدفع الخدم للتجسس على سادتهم ووصلت إلى التجسس على الآباء والأمهات.
وأدرك سافونارولا تلك الحيوية الفائضة لدى الشباب وإمكانية الاستفادة من عنفوانها ونزعة التدمير لديها لتوظيفها في خدمة تصوراته وسلطاته، وكان يطلق عليهم فتية الفرير، وبعد 400 سنة، اتّبع موسوليني التقليد نفسه في تنظيم الفتية والكشافة أصحاب القمصان السود، وكذلك هتلر في تشكيل مجموعات الشباب الهتلري، ولم ينجُ لاحقًا أي تنظيم عقائدي من هذا السلوك شرقًا وغربًا، فأصبحت مؤسسات الشباب أذرعًا ضاربة عند الحاجة.
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads