مع اقتراب ذكرى حرب أكتوبر .. كيف عبرت المعدات الثقيلة؟

الجمعة 28/سبتمبر/2018 - 09:02 م

أنهار بكر

عند الحديث عن ذكرى الانتصار في حرب أكتوبر 1973، ينشغل الجميع كل عام بالانتصار وعظمته وعن ما حققه كل سلاح على حدة، ويغفل الغالبية العظمى عن مهمة شديدة الأهمية ألا وهي "إجراءات نقل المعدات للجبهة".

عبقرية التخطيط الذي تكاتف مع عزيمة الجنود وإصرارهم على الظفر بالنصر، كونت ثنائيًا قوي البنيان لازال العالم أجمع يحكي عن عظمته.

نقل المعدات للجبهة

حرب أكتوبر

كانت القوات المسلحة المصرية تسابق الزمن للحصول على الاستقلال، فكانت سرعة ودقة الأداء في نقل المعدات من أهم عوامل الانتصار، تم نقل المعدات الثقيلة والدبابات إلى الجبهة عن طريق نقل ورش التصليح إلى الخطوط الأمامية.

هذا وقد تم دفع الدبابات إلى الجبهة في طوابير بحجة أنها أصيبت بعدد من الأعطال، بالإضافة إلى أن المخابرات قد سربت تقريرًا يطلب فيه الخبراء استيراد كمية مضاعفة من معدات العبور مما أثار سخرية إسرائيل، كانت هذه الخدعة تهدف إلى نقل معدات العبور والقوارب المطاطية.

كان القيادة المصرية تدعي اللامبالاة وعدم الاهتمام، فمثلًا عندما وصلت الشحنة المطلوبة إلى ميناء الإسكندرية ظلت ملقاة على الرصيف حتى حل المساء كان ذلك في ظل إجراءات أمنية توحي بالاستهتار.
بعد ذلك كانت خطة القوات المسلحة هي نقل المعدات إلى إحدى المناطق الصحراوية، فنقلت سيارات الجيش نصف الكمية إلى منطقة صحراوية بضاحية حلوان، وتم تكديسها وتغطيتها على مرمى البصر فوق مصاطب لتبدو ضعف حجمها الأصلي بينما قامت سيارات مقاولات مدنية بنقل الكمية الباقية للجبهة مباشرة.

تأمين تحركات واستعدادات القوات المسلحة

حرب أكتوبر

كان من ضمن الإعدادات التي اتفقت عليها القوات المسلحة مع باقي الأجهزة الأمنية، أن يتم الكشف عن شبكة التجسس على عمليات الدفاع الجوي والتي كانت تؤدي إلى خسائر فادحة، وذلك في إطار تسهيل مهمة نقل المعدات.

فعندما كانت مصر تشيد حائط الصواريخ بامتداد الجبهة، وبمجرد الانتهاء من بناء مواقع المنصات كان الطيران الإسرائيلي يقذه ويدمره تمامًا، كان للمخابرات المصرية دورًا في حل هذه الأزمة عن طريق كشف شبكة التجسس التي كانت تنقل هذه المعلومات لإسرائيل، فقد كانت الجاسوسة هبة سليم خطيبة فاروق عبد الحميد الفقي مدير مكتب قائد سلاح الصاعقة ورئيس الفرع الهندسي للسلاح تقوم بنقل كل المعلومات التي يحدثها بها عبد الحميد، وهي الجاسوسة التي بكتها إسرائيل وأمريكا.

كيف تم عبور القناة

حرب أكتوبر

أشار كلًا من اللواء حسن البدري وطه المجدوب وضياء الدين زهدي في كتاب حرب رمضان، أنه في تمام الساعة الثانية وعشرون دقيقة قامت قوات المشاة المكونة من 5 فرق بعبور القناة بحوالي 1000 قارب اقتحام مطاطي، ثم 8000 جندي يتسلقون قناة الساتر الترابي حاملين أسلحتهم الشخصية والأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات.
وفي مذكراته قال اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات بحرب أكتوبر، أنه من أبرز ملامح قتال هذا اليوم وطول مدة الحرب، أن القادة ضربوا أروع الأمثلة للجنود في السبق والفداء.
وأضاف انه من أصعب المواقف التي واجهت قوات المشاة، هي الفترة التي اضطر فيها الجنود لقتال دبابات العدو لمدة 6 إلى 8 ساعات، وهي الفترة التي استغرقتها الدبابات والأسلحة الثقيلة الأخرى للعبور على الكبارى والمعديات التي أقامتها الجنود على القناة.

كيف عبرت الدبابات القناة

أسرى إسرائيل

قامت القوات المسلحة بأسلوب فريد هدمت به أسطورة الجيش الإسرائيلي في زمن قياسي، حيث بدأ تشغيل الطلمبات واندفعت المياه من الخراطيم كالسيول تشق تراب الساتر الذي أقامه العدو، وذلك في تمام الساعه3.30 وفي زمن لم يتجاوز الساعة حدثت الثغرة الأولى في الساتر الترابي ثم توالت الثغرات.

في ذلك الوقت تحركت مئات العربات الضخمة التي حملت الكباري والمعدات واللنشات من أماكنها على الشاطئ الغربي إلى ساحات الإسقاط المحددة على القناة، وبدأت وحدات الكباري في التركيب أمام الثغرات في الساتر، وخلال 6 إلى 9 ساعات كانت كل الكباري قد أقيمت.

وانقسمت هذه الكباري إلى 3 أنواع ـ كباري اقتحام ثقيلة الحمولة 70طن لعبور الدبابات والمدفعية الثقيلة.
ـ كباري اقتحام خفيفة لحمولة 25طن لعبور المركبات والمدفعية الخفيفة والمشاة.
ـ كباري هيكلية لعبور بعض المركبات الخفيفة وأيضًا لخداع العدو وطائراته.

الجدير بالذكر أن الكوبري الواحد من هذه الكباري كان يستغرق 5ساعات من العمل المتواصل، وهي سوفيتية الصنع من الحرب العالمية الثانية، حيث رفض السوفييت تصدير الكباري الحديثة سريعة الإنشاء التي يتم تركيبها خلال ساعة ونصف فقط.

وفور الانتهاء من تركيب الكباري هجمت الدبابات والعربات والمعدات الثقيلة للشاطئ الشرقي للقناة، واستمر العبور طيلة الليل بالاشتراك مع الشرطة العسكرية التي أرشدت القوات بعلامات مختلفة الألوان للتشكيلات المقاتلة.