دقت عقارب الساعة، لتعلن ميلاد عام جديد 2023، لتولد معه آمال جديدة حول مستقبل مشرق بعد أن شهد العالم ثلاث سنوات  هي الأصعب والتي تركت بصمة صعب نسيانُها في ذهن المواطنين لا سيما متخذي القرار في البلاد.

 

فكانت بداية عام 2020 أزمة فيروس كورونا التي أثرت على البلدان وتسبب في حدوث انغلاقات ما أدى إلى  دخول البلاد في حالة من الانكماشات، مرورًا بعام 2021، والتي ظلت الدول تحاول التعافي من تلك الأزمة، لنصل إلى العام 2022 ويصطدم العالم بقيام الحرب الروسية الأوكرانيا وتحديدًا يوم 24 فبراير.

 

 لتؤثر على البلاد وتتسبب في ارتفاع أسعار الغذاء وأسعار الطاقة حيث  تخطى سعر برميل النفط حاجز الـ 120 دولار في شهر مارس الماضي، ولكن سرعان ما انقلبت الطاولة من حيث أسعار الأخير بعد اتجاه دول الغرب بوضع سقف سعر للغاز الروسي ليصل سعر البرميل إلى 81 دولار.

 

إلى أين؟

 

ليأتي السؤال هنا إلى أين تتجه أسعار النفط في عام 2023؟، فقد اختلفت توقعات المؤسسات والخبراء حول أسعار النفط، حيث يرى البعض أنها قد تتجه إلى حاجز الـ 130 دولار للبرميل، بينما يرى الآخر أنه قد يتراوح ما بين 75 إلى 95 دولار للبرميل.

 

وتوقع بنك "مورغان ستانلي" ارتفاع سعر خام برنت إلى 110 دولارات للبرميل في النصف الأول من 2023، واتفق معه في تلك التوقعات بنك الاستثمار الهولندي "آي إن جي"، حيث توقع البنك أن يسجل برنت 104 دولارات للبرميل في العام الجديد.

 

ولكن بنك "أوف أمريكا" اختلف معهم إذ توقع أن تتجاوز أسعار النفط حاجز الـ 90 دولار للبرميل، وهو ما اتفق معه "كوميرز بنك" الألماني، أن يصعد خام برنت إلى 95 دولار للبرميل بحلول منتصف 2023.

 

استبعاد الأمر

 

ومن جانبه، استبعد خبير أسواق المال، أحمد معطي، أن يصل سعر برميل النفط خلال العام الجاري إلى مستوى الـ 120 دولار، متوقعًا أن يصل إلى مستوى الـ 95 دولار للبرميل.

 

وأضاف "معطي" في تصريحات خاصة لبوابة "المواطن الإخبارية"، أنه من الصعب أن يصل سعر برميل النفط إلى مستوى الـ 120 دولار إلا في حالة تدهور الأزمة الروسية الأوكرانية.

 

حالة من عدم اليقين

 

وعلى الجانب الأخر، قال خبير أسواق المال العالمية، محمد مهدي عبد النبي، إن "حالة من عدم اليقين" هي الجملة الأنسب تعبيرًا عن أسواق الطاقة عامة والنفط خاصة في عام 2023، فتوقعات العام الجاري هى امتداد طبيعي لمعطيات العام السابق التي لم تنتفي أي منها بل تتفاوت حدتها في مواجهة الذهب الأسود الذي أختتم عام 2022 على ارتفاعات مقبولة لأغلب اقتصادات العالم  7% للنفط الخام و 10.12% لنفط برنت.

 

ولكن ارتفاعات النفط في 2022 شهدت تقلبات حادة لم تكرر منذ 13 عامًا إبان الأزمة المالية العالمية بسبب معطيات معاصرة تمثلت في حرب روسيا على أوكرانيا التي لم تتوقف بعد، و كذلك آثارها الاقتصادية التي فاقمت من معدلات تضخم الأسعار عالميًا، والتي لم تلوي عنقها أسعار الفوائد المرتفعة بعد، لتودي بالجميع إلى ركودًا اقتصاديًا تقنيًا يطول أغلب الاقتصادات المتقدمة، وفقًا لـ "مهدي".

 

تحديات واسعة

أوضح خبير أسواق المال العالمية، في تصريحات خاصة لبوابة "المواطن الإخبارية"، أن مثلث " الحرب المفتوحة، التضخم المستمر،  الركود الفعلي المحتمل و ما يستجد من أسباب" يمثل تحديات واسعة أمام أسعار النفط المتحركة في ظل التقديرات غير المتفائلة لصندوق النقد الدولي حول تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بأقل وتيرة له منذ 22 عامًا مضت عند 2.7% فقط خلال العام الجاري.

 

وأشار خبير أسواق المال العالمية، إلى أنه يمكن تصور إلى أين تتجه أسعار النفط 2023 بعيون تقديرات المؤسسات الدولية حول أحجام الاستهلاك و المعروض عالميًا، فوكالة الطاقة الدولية تتوقع أن يصل الطلب الاستهلاكي على النفط إلى 101.6 مليون برميل يوميًا ، مع توقعات متفائلة من منظمة "أوبك" للربع الرابع من 2023 ببلوغ هذا الطلب ذروته إلى 103.4 مليون برميل يوميًا.

 

بينما قد يرتفع المعروض العالمي في أسواق النفط بنحو 770 ألف برميل يوميًا ليصل إلى 100.8 مليون برميل يوميًا فى عام 2023 حسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، ونحو 101.5 مليون برميل يوميًا بنهاية العام الجاري حسب تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

 

تباين الأراء

 

وعلى هذا النحو المختصر ترسم المؤسسات الدولية المختصة صورة متوازنة و مستقرة نسبيًا لأسعار النفط في 2023 حول مستوياتها التي اختتمت بها العام الماضي  81 دولار لبرميل النفط الخام و 86 دولار لبرميل برنت، و لكن توقعات بعض الكبار من بنوك الاستثمار لمتوسط أسعار الذهب الأسود تقول غير ذلك قليلًا، حيث نظرة محللي "جى بى مورجان" بنك الأمريكى لخام برنت حول 110 دولار للبرميل خلال النصف الأول من العام الجاري.

 

بينما تنخفض توقعات محللي "جولدمان ساكس" بنك إلى متوسط 98 دولار فقط لبرميل نفط برنت، و نحو 92 دولار فقط حسب تقديرات كل من البنك الدولي و إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

 

اتساع قوسين مهمين

 

أضاف خبير أسواق المال  في حديثه: "ينحسر مشهد أسعار النفط في 2023 بين اتساع قوسين مهمين و هما، صعوبة هبوطه لمستويات أدنى من متوسط خمس سنوات مضت عند 60 دولار للبرميل، و تعثر صعوده أعلى من مستوى 130 دولار للبرميل المتحقق في 2022 في انتظار تبدد ضباب معطيات الماضي القريب"

 

هل يصعد؟

 

وفي وقت سابق من 2022، أعلن مكتب الاحتياطيات البترولية بوزارة الطاقة الأميركية، أنه سيبدأ في إعادة شراء النفط الخام للاحتياطي البترولي الاستراتيجي، حيث تحتاج إلى شراء 3 ملايين من النفط الخام عالي الكبريت لتجديد الاحتياطي الاستراتيجي، وذلك بعد تنفذ الرئيس الأمريكي جو بايدن استراتيجة لتجديد الموارد من احتياطي البترول الاستراتيجي لمعالجة الاضطراب العالمي الذي حدث نتيجة وقف روسيا إمداتها لأوروبا.

 

ليأتي هنا السؤال هل يعني ذلك حدوث زيادة عن الطلب في أسعار النفط؟ خاصة مع توقعات "أوبك+" في ارتفاع  الطلب على النفط في    2023.

 

 ومن جانبه، أوضح خبير أسواق المال، إلى أن أمريكا بدأت بالفعل في ملئ المخزون الاستراتيجي لديها من النفط خلال الأسبوعين الماضيين مستغلية انخفاض الأسعار.

 

أكد "معطي" أن أمريكا لا تشتري النفط في أسعاره المرتفعة إنما تنظر انخفاض الأسعار حتى تستفيد من هذا الوضع وتملئ المخزون الاستراتيجي لديها.