المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

خيرات جولديباي : دكتور عبد الستار دربيس على ...رمز العلم والعطاء

الخميس 08/فبراير/2024 - 10:53 م
المواطن
فاطمة بدوي
طباعة
ألقى الأستاذ الدكتور خيرات جولديباي - الأستاذ في جامعة نور-مبارك في مدينة الماتي بجمهورية كازاخستان كلمة خلال الندوة التى نظمتها يفغرة كازاخستان بمصر على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب فى الدورة ال٥٥ عن تاريخ دكتور عبد الستار دربيس على وجاء فى نص الكلمة : أود في البداية أن أعبر عن امتناني العميق لمنظمي هذا المؤتمر الرائع على إتاحة هذه الفرصة الثمينة لي لأكون هنا اليوم بينكم. لا يوجد أحد في كازاخستان لا يعرف أستاذ دكتور عبد الستار دربيس على ، فهو عالم علامة معلم عظيم، وإن شهرة أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي ليست منحصرة في القازاق؛ لأنه شخصية شهيرة في بلاد الترك، وفي العالم الإسلامي وأوروبا وأمريكا. لقد كان عالمنا الجليل أحد أعمدة العلم عند القازاق وعلماء آسيا الوسطى و هو الذي بذل كل جهده في نشر العلم والتعريف بالعلماء القازاق بين العالم كله، لذلك كان موته خبرا حزينا جدا بالنسبة لشعب كازاخستان عامة و لي خاصة، فلقد بدا لي أن علمنا الوطني قد فقد أحد أعمدته. كان أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي متواضعا، حليما، كثير الخبرة في الحياة، وكان مثقفا للغاية، وقد كان أسلوب أستاذنا المبهج في الحياة، وشخصيته المنفتحة، وحماسه لطلابه معلوما عند طلبة العلم وعند العلماء كذلك، وحتى خلال فترة عمله مفتيا، كان عبد الستاردربيس عالي يرحب بنا دائمًا بأذرع مفتوحة، ويسأل عن أحوالنا، ويستقبلنا بسخاء، سواء في مكان عمله أو في منزله، فالتحفيز والتشجيع شيء لا يستطيع كل قائد فعله. كان أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي إذا قام بتعيين شاب متخصص إماما في قرية بعيدة عن المدن، فإنه كان يشجعه على العمل والعطاء من صميم قلبه، يقول له: "بعد تعيينك إماما في إحدى القرى، يجب أن تصبح الزعيم الروحاني لأهل تلك القرية... ولذلك يجب على الإنسان أن يصل إلى مستوى الشخصية، لأنه ليس من السهل أن يكون زعيما روحانيا... فبشخصيتنا الطيبة ومعرفتنا العميقة ننال محبة الناس وإخلاصهم... ولهذا السبب نحن بحاجة إلى أن نُكوِّن عالما موسوعيا؛ حتى يحترمه الناس"، وبمثل هذه الكلمات كان دائما يشجع الأئمة والدعاة في أعمالهم، لقد كان يعمل على نشر الدين عن طريق العلم. ألَّف أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي أكثر من 800 مؤلف علمي ذي أهمية عملية، منها ما يزيد على الأربعين تعتبر أعمالا مونوغرافية، وكتابه: "الإسلام دين السلام والإبداع" مستمد من المراجع والمصادر الأصلية للإسلام، وقد تم نشره باللغة الروسية سنة 2009م. و في سنة 2012م تمت ترجمته إلى اللغة الإنجليزية ونشر في لندن. زرت الشيخ في بيته بعد عملية جراحية أجريت له في القلب، وجدته يجلس في مكتبته يقرأ ويكتب ويبحث في كتب كثيرة أمامه، فقلت لزوجته: إنه لابد للشيخ من استراحة؛ لأن العملية كبيرة ليست بسيطة، فردت قائلة: يا خيرت اتركه على حاله، فهو لا يستريح إلا عندما يقرأ ويبحث ويطالع كتب العلم ويؤلف، لقد كان عالما جليلا عاشقا للعلم، كان يقرأ ويبحث دائما حيثما كان.. في مكتبته الخاصة، في القطار ، في السيارة ، في الطائرة، في سفره وفي إقامته. كان أول ما يفعله عندما يزور بلدا آخر أن يذهب إلى المكتبات القديمة ويبحث عن المؤلفات المخطوطة لعلماء أسيا الوسطى والقازاق. ومن حبه لوطنه وعلماء بلده، أنه أخذ ترابا من أرض فاراب ووضعه على قبر أبي نصر الفارابي، وكلك فعل مع قبر السلطان الظاهر بيبرس في دمشق، بل تم نشر "سيرة السلطان الظاهر بيبرس" المكونة من مجلدين تحت قيادة أستاذنا. لقد كان عبد الستار دربيس عالي متمسكا بمذهب أهل السنة مؤيدا له عاملا على نشره، فمن أعماله الرائدة ترجمته لمخطوطة (شرح العقيدة الطحاوية) لهبة الله الترازي التركستاني (1272-1333) أحد علماء القازاق من مدينة تاراز، فقد حقق هذا الشرح وترجم إلى اللغة الروسية وطرح للتداول العلمي لأول مرة على يده رحمه الله تعالى. إن أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي هو في المقام الأول عالم عظيم وشخص ذو فطنة، وقد اشتغل كثيرا بالبحث والتعريف بالعلماء الذين ولدوا في أرض القازاق وأسهموا في تطوير العلوم الإسلامية، ومن خلال بحثه اكتشف 30 عالما من مدينة فاراب، و 50 عالما من مدينة طراز، و 10 علماء من مدينة بلاساغون، و 40 عالما من مدينة سيرام... وغير ذلك من العلماء الذين ينتسبون إلى مدن القازاق، وكل هذا بدوره يعتبر نتائج علمية عظيمة؛ إذ البحث عنهم وتقديمهم للناس يبطل فكرة أن تاريخ الإسلام في أرض القازاق بدأ من القرون الأخيرة فقط، ومن خلال البحث عنهم يمكن إزالة بعض المفاهيم الخاطئة القائلة بأن "الشعب القازاق كان من البدو الرحل، لذلك لم تتطور بينهم الثقافة والتعليم والعلوم". معلوم أن الله تعالى لا يعطي العلم إلا لمن أحب، ولذلك كان من تشريف الله تعالى لعبد الستار دربيسالي القيام بتلك المهمة والمسئولية العظيمة للغاية، وهي قيادة القائمين على نشر دين الإسلام وعلومه، ولأن القيادة أمر لا يحدث إلا بمشيئة الله، فقد شاء الله أن يجتمع علماء الدين في آسيا الوسطى في مدينة ألماتى عام 2007م وانتخبوا عبد الستار الحاج عبد الستاردربيس عالي رئيسًا لمجلس المفتين. لقد كان أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي مهتما ببناء المدارس العليا والجامعات التي تقوم بتدريس علوم الإسلام والتأليف والبحث فيها وتخريج الكوادر العلمية التي تحتاجها كازاخستان، وأشار على رئيس كازاخستان، نور سلطان نزارباييف، بوجوب افتتاح مدرسة دينية عليا، وهكذا تم افتتاح الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية "نور - مبارك"، والتي تحمل اسم رئيسي البلدين، ومقرها مدينة ألماتى، وحاليا يتخرج من هذه الجامعة سنويا حوالي 300 إمام، وبلغ عدد الطلاب الذين يدرسون فيها 2000 طالب، وحاليًا لا تقوم الجامعة بإعداد الأئمة فحسب، بل تقوم أيضًا على إعداد الخريجين الحاصلين على التعليم العالي ودرجات الماجستير والدكتوراه للعمل في التدريس والإفتاء والبحث والترجمة. طوال مسيرته وحياته، لم يتوقف العلامة أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي عن العلم والتعليم، بل لقد استمر في ذلك أثناء خدمته مفتيا، وأشرف على العديد من طلاب الماجستير والدكتوراه في جامعتي الفارابي ونور مبارك، ووجههم إلى العلم، وأسهم بشكل مباشر في تكوين الكثير من العلماء، ولقد زار المكتبات والمراكز العلمية عندما كان في الخارج في مهمات دبلوماسية، ووجد قبر محمد حيدر دولاتي في مدينة كشمير وزاره. وفي عامي 2014م -2015م، ومن أجل تنفيذ برنامج "تاريخ الشعب"، قام بإحضار نسخ من عدة آلاف من المخطوطات المتعلقة بأدب شعبنا وثقافته وتاريخه من مكتبات المخطوطات وصناديقها في "السليمانية"، و"بايزيد"، و"الدخن" من تركيا، ونسخ من رسالة أبي نصر الفارابي مكتوبة على جلد من مجموعة مخطوطات مكتبة الإسكوريال بأسبانيا، وكتب مخطوطات علاء الدين السيرامي، ونظام الدين يحيى السيرامي، وعبد الرحمن السيرامي. وتم إحضار سيرامي من مدينة سيرام التي تعود للقرون الوسطى إلى البلاد. وفي الفترة التي كان فيها أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي رئيساً للإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان، تمكن من إصلاح أنشطة الإدارة الدينية داخل البلاد ورفع سمعتها داخل البلاد وفي آسيا الوسطى. وفي بداية عام 2010م، قدمت الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان مجموعة من القصائد الدينية "تمجيد الله" عبر وسائل الإعلام، وكان الهدف الرئيس من ذلك هو تعزيز قيم الإسلام، ليس فقط من خلال خطب الأئمة في المساجد أو المقالات المنشورة في الصحافة، ولكن - أيضًا - من خلال القصائد الدينية القريبة جدًا من شعبنا، وقد أولى عبد الستار دربيسالي اهتماما خاصا بالاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم "المولد النبوي الشريف"، وأقيم احتفال المولد لعام 2012م في القصر الرياضي الذي يحمل اسم بالوان شو لاك في ألماتى، وتجمع هناك حوالي 6000 شخص، وتحول إلى حدث ديني وثقافي كبير، كما ألهمت الخطب الدينية والمدائح الإلهية الجمهور المجتمع وعززت حبهم لأسلافنا. لقد اهتم عبد الستار أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي بتحسين أحوال أئمة المساجد، فلقد كانوا لا يحصلون على رواتب منتظمة، ولحل هذه المشكلة، وبمبادرة مباشرة منه – رحمه الله - تم إنشاء "صندوق الصدقات" الجمهوري، وتم من خلاله ترتيب الرواتب الشهرية لمتخصصي المساجد. وخلاصة القول: يعتبر أستاذ دكتور عبد الستاردربيس عالي شخصية ثرية الأوجه للأمة الكازاخستانية، ولغيرها من شعوب آسيا الوسطى، استطاع أن يجمع بين مجالات مختلفة: فهو العالم والمفتي والمعلم والإمام والسفير والدبلوماسي والقائد. رحمه الله تعالى رحمة واسعه وتقبل جهاده وسعيه وعمله من أجل الإسلام والمسلمين

موضوعات متعلقة

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads