المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

"الخانكاه" للسلطان الأشرف.. وقصة النذر السلطانى لتشييد أجمل تحفة معمارية في "الخانكة"

الثلاثاء 20/فبراير/2018 - 10:33 ص
سارة منصور
طباعة
بعيدا عن نداءات الباعة وضجيج الحاضر يرتكز شامخا راسخا يحكى قصة عهد مملوكى مضي كان فيه السلاطين يتقربون الي الله ببناء المسجد لعبور الكرب وطلب العون من خالق الخلق وميسر الشدائد.

فإذا كنت من زوار المكان.. فيستحيل أن تتخيل وجود مثل ذلك المسجد بعمارته الفخمة وأروقته الواسعة بين تلك الأحياء الشعبية... حتى لتصعد أنفاسك وانت تتطلع من بعيد علي عمارة الإسلامية التى شرفت بها منطقة الخانكة.

كلمة الخانكة ونذر سلطانى

ولعل كلمة الخانكة تعود الي مصطلح "خانقاه"، فهى لا تعنى الجنون كما يعتقد البعض بل كلمة فارسية معربة عن خانكاه ومعناها بيت العبادة، واقتضت وظيفتها أن يكون لها تخطيط خاص، فهى تجمع بين تخطيط المسجد والمدرسة ويضاف إلى هذين التخطيطين الغرف التي يختلى أو ينقطع بها المتصوف للعبادة والتي عرفت في العمارة الإسلامية باسم الخلاوى.

أما عن تسمية مدينة الخانكة بهذا الاسم، فيعود إلى عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، حيث خرج السلطان في رحلة صيد شمال مدينة القاهرة بنحو خمسة عشر كيلومترات "منطقة سرياقوس حاليا" وأصيب بوعكة صحية ونذر لله تعالى إن تم شفاؤه فإنه سيقوم ببناء خانقاه للصوفية وعابري السبيل في هذا المكان تقربا لله، وبالفعل شُفي السلطان من مرضه وخرج على رأس موكب كبير من المهندسين والبنائين ليوفي بنذره عام 725هجرية 1324م وقام بتأسيس المدينة وبناء الخانقاه.

مسجد الأشرف ونذر آخر

وعقب مرور أكثر من مائة عام علي بناء الجامع،  تولى السلطان الأشرف برسباى  وعزم على فتح قبرص، فمَرَّ السلطان الأشرف برسباى ومعه جيشه بمدينة الخانكة، ليعيد الجيش تنظيم وترتيب صفوفه لفتح قبرص، فتذكر السلطان أمر سلفه الناصر قلاوون، فنذر لله بأن يبنى بالخانكة مسجدا ومسقًى إن نصره الله، متوسما فى دعاء أهلها من "الصوفية" الدعم والعون، وتم له النصر، فخرجت مصر كلها تحتفل بفتح قبرص والاستيلاء على عاصمتها، وخرج السلطان وقاها ليوفي بنذره على رأس موكب من العلماء والمهندسين لبناء جامع السلطان الأشرف برسباى ليكون تحفة معمارية مملوكية تشهد للأجيال على عظمة العمارة الإسلامية.

تحفة معمارية 

وعلي الرغم من مرور مئات السنون الا ان المسجد يأخذك بعمارته من الداخل والخارج، فقد أبدع المهندسون فى عمارته، فالمسجد عبارة عن مصلى فسيح يتكون من صحن مكشوف تبزغ الشمس داخله فتضىء المسجد وتصل إلى كل جوانبه، ويحيط بهذا الصحن أربعة أروقة ترتفع حوالى 40 سنتيمترا عن الصحن، وأكبر الأروقة هو رواق القبلة الذى يشتمل على ثلاثة صفوف من العقود المحمولة على أعمدة رخامية.

أما عن الواجهة الرئيسية للمسجد فتشرف على الطريق العام وبها المدخل الذى تغطيه مقرنصات جميلة، ويحلى صدره أشرطة من الرخام الأبيض والأسود بأعلاها طراز مكتوب به تاريخ الفراغ من عمارة هذا المسجد سنة 841 هجرية، وإلى يمين المدخل سبيل يعلوه كتاب، وإلى يساره تقوم مئذنة مكونة من ثلاث طبقات مماثلة لمئذنة مسجده بشارع المعز لدين الله، وللمسجد ثلاث واجهات أخرى بمنتصف الوجهة الغربية منها مدخل آخر.

كما يوجد بمسجد السلطان الأشرف "مسقى" كبير وعتيق، ويعد من أهم أسبلة العصر المملوكى، السبيل الذى أعترته عوامل الزمن لكن ما زالت أثاره موجودة.

إهمال الثقافة

وعلي الرغم من عظمة الأثر الذى تشهده مدينة الخانكة، الا أن المكان يبدو عليه الكثير من الأهمال، فالي جانب وجود بعض المخلفات الورقية هنا وهناك ، تبدو علي الجدران التصدع بفعل عوامل المياه، فضلا عن تشقق الطلاء عن بعض الأعمدة، ذلك في ظل وجود لجنة أشراف من وزارة الثقافة من المخول لها رفع تقارير عن المكان وما بحتاجه من تجديد. 

بعيدًا عن كل هذا فإن عظمة المكان الطاغية التى تبهرك من بعيد لم تسلم من وجود باعة من الخارج الذين  يستندون علي السور الحديدى.. فضلا عن كراسي وضعها صاحب كافتيريا شعبي علي السور متجاهلا عظمة المكان التاريخى.. فهل تستطيع وزارة الثقافة إنقاذ ذلك الأثر قبل أن يتطبع بالسمة الشعبية للمكان.

أخبار تهمك

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads