تميز بأدائه في أدوار الشر بلمحة كوميدية مميزة، إنسانًا خجولًا، لا يسعى لإيذاء الآخرين، اشتهر بتقديم دور اللص والبلطجي في آن واحد، فكان يترك بصمة في كل دور له، برع في العديد من المقولات الشهيرة التي تستخدم حتى الآن، مثل "أحلى من الشرف مفيش"، هو الطيب الشرير توفيق الدقن.

تحل اليوم 26 نوفمبر ذكرى وفاة شرير السينما المصرية، توفيق الدقن، توفي عام 1988، بعد مشوار حافل بالعطاء الفني.

ولد توفيق آمين محمد أحمد الشيخ الدقن، في 3 مايو عام 1924 في قرية هورين مركز بركة السبع محافظة المنوفية، انتقل مع أسرته إلى المنيا ليعيش فيها طفولته، وعانى "الدقن" منذ ولادته من كونه "بدل فاقد"، كما كان يقول عن نفسه، فكان لديه أخ اسمه توفيق أكبر منه بـ3 سنوات فرفض والده، أن يستخرج له شهادة ميلاد، فعاش بشهادة ميلاد أخيه، فسبب له هذا الأمر أزمة كبيرة، فكان يقول: "أنا فيه 3 سنين ضايعين مني محسوبين عليا في الحياة وأنا ما عشتهمشي".

حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1950، وشارك في بطولة العديد من الأفلام السينمائية منها "طاقية الإخفاء، ابن حميدو، خرج ولم يعد وعلى باب الوزير، كما قدم العديد من المسرحيات منها "انتهى الدرس ياغبي وسكة السلامة" وحصل على وسام العلوم فى الفنون من الرئيس جمال عبد الناصر وشهادة الجدارة من الرئيس السادات في عيد الفن الأول.

تزوج وأنجب 4 أبناء منهم الملحن ماضي توفيق، الذي قدم العديد من الأعمال السينمائية والدرامية والمسرحية إلى جانب العديد من ألحان الأغاني لنجوم الطرب في مصر والوطن العربي، وابنته الوسطى هالة الدقن، التي تعمل مدير عام في الرقابة على المصنفات بالتليفزيون المصري، والابن الأصغر فخر الدقن، يعمل بإحدى شركات الخليج.

بطل الملاكمة

نشأ "الدقن" في إحدى قرى محافظة المنوفية، لأب يعمل موظفًا، ومنذ نشأته كان طفلًا ملتزمًا ومسئولًا، وخاصة أنه أكبر إخوته، ولم تكن لديه أية اهتمامات فنية، بل كان بطلًا رياضيًا في الملاكمة وكرة القدم، ودائمًا ما كان يفوز في المسابقات الرياضية التي تقيمها مدرسته في محافظة المنيا التي انتقل إليها مع أسرته.

غضب والدته

اشتهر خلال مشواره الفني بتقديم دور اللص والبلطجي، لأن الجمهور وقتها كان يتأثر بأداء الفنانين لدرجة لا تجعلهم يفصلون بين حياتهم الخاصة وبين ما يقدمونه على الشاشة، فلقبه البعض "باللص السكير"، حتى وصل الكلام إلى والدته أن ابنها سكير ولص، فصدقت الأم واعتقدت أن ابنها الملتزم ضل طريقه في القاهرة، وقبل أن يستطع شرح الأمر لها ماتت غاضبة منه وعليه.

مطاردة جزار

لأدواره الشريرة التي أداها الدقن، جعلت الجمهور يعتقد أنه شخص شرير في الحقيقة، مما عرضه للعديد من المواقف الطريفة، ففي إحدى المرات ذهب ليشتري لحم من محل جزارة أسفل المنزل الذي يسكن فيه، فطارده الجزار بالساطور، لأنه اعتقد أنه شرير بالفعل، ومرة أخرى أثناء قيادته سيارته، وكانت بجواره والدته، حيث فوجئ بسيدة تناديه يا سكير يا لص، ولم تفكر في أن ما يفعله مجرد تمثيل.

باع سيارته بسبب رشدي أباظة

خجل الدقن ظهر واضحًا في أحد مواقفه مع صديق عزيز لديه، وهو الفنان رشدي أباظة، الذي كان يتردد عليه باستمرار في منزله بالعباسية، وذات يوم جاء "أباظة" لزيارته كالمعتاد، فشاهد سيارة الدقن "الأمريكاني"، وأعجب بها كثيرًا واستأذنه أن يأخذ جولة، وبالفعل رحب "الدقن" وركب بجواره وقام "أباظة" بالقيادة، ولكن على ما يبدو أن دنجوان السينما المصرية، كان حديث العهد بقيادة السيارات الأمريكاني، فاصطدم بكل الأكشاك التي كانت موجودة في شارع العباسية وتحطمت السيارة، وعلى غير المتوقع لم يغضب "الدقن".

أُصيب "الدقن" قبل سنوات من رحيله بمرض الفشل الكلوي، وهو ما أخفاه عن الجميع، كما قال ابنه، ولكنه لم يستسلم أبدًا للمرض حتى عند دخوله المستشفى، لم يستطع تقبُّل عدم قدرته على السير واستخدام الكُرسي المتحرك، كبديل مؤقت، وسخر من ذلك، قائلًا: "أنا بكره الأدوار دي في التمثيل، أديني بعملها في الحقيقة".

وعند تصويره آخر أعماله الفنّية، داهمته ذبحة صدرية، بجانب المرض المُزمن، وفي تلك المرة لم يستطع الهرب، رغم إلتزامه حتى في لحظاته الأخيرة، كما يقول ابنه: "وقتها كلموه عشان كان في تصوير في ستوديو مصر، مقدرش يقولهم لأنه مكنش يحب يقول أنا تعبان، قالهم هجيلكُم بُكرة، ولكن النهار لم يُمهل توفيق الدقن ليفي بوعده الأخير، ورحل في 26 نوفمبر 1988، وكانت آخر كلماته لابنه: "لم أترُك لك شيئًا تخجل منهُ".