هو ليس مجرد فنان خلق ليكون مُبدعًا، كان دائمًا يقف على أرض صلبة ليحلق في عالم الخيال ويبدع بشخصيات كثيرة متنوعة رسم تفاصيلها وتفنن في تجسيدها على الشاشة فهو الفتى المثقف بملامحه ولهجته القاهرية، والشاب السياسي الحالم الذي يفرمه نظام ديكتاتوري مستبد، المصور الصحفي، لاعب الكرة شحاتة أبوكف، الرجل العصامي، الفتوة الفيلسوف، المواطن المقهور ضحية الانفتاح الاقتصادي والذي يقرر أن يأخذ حقه بذراعه، الأستاذ المحامي، وجعفر الراوي في "قلب الليل"، هو آخر الرجال المحترمين نور الشريف.

ولد محمد جابر محمد عبدالله، في يوم 28 إبريل عام 1946، عاش في حي السيدة زينب، توفى والده في سن مبكرة، حيث كان يبلغ من العمر 26 عامًا فقط، وكان عمر الطفل "نور" سنة واحدة فقط.

لعب نور الشريف منذ صغره كلاعب وسط لفريق الأشبال بنادي الزمالك حتى أنهى الثانوية العامة، وتقدم لاختبارات معهد التمثيل، ووقتها كان عليه أن يختار بين الفن وكرة القدم، وكان الاختيار سهل وخاصة أنه يعشق التمثيل، فانضم إلى فريق التمثيل بالمدرسة، وترك كلية التجارة من أجل الالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية.

عندما كان في المعهد تعرف على المخرج سعد أردش ورشحه الأخير للعمل معه في دور صغير في مسرحية الشوارع الخلفية، ثم اختاره المخرج كمال عيد ليمثل في مسرحية "روميو وجولييت"، وأثناء البروفات تعرف على عادل إمام الذي رشحه للمخرج حسن الإمام، ليقدمه في فيلم قصر الشوق، حصل عن هذا الدور على شهادة تقدير، وكانت أول جائزة يحصل عليها، وكان أول عقد وقعه نور الشريف في حياته كانت قيمته 150 جنيه مصري.

كشف الكاتب وحيد حامد، أن بطولة فيلم "البريء"، كادت أن تذهب للفنان نور الشريف، في بداية الأمر، ولكن الأخير بعدما قرأ السيناريو، اعترض على بطولة الفيلم، ولم يجد نفسه في ذلك الترشيح، وخاطب حامد قائلًا: "هذا الدور لأحمد زكي وليس لي"، وبالفعل قام الفتى الأسمر ببطولة الفيلم، والذي أصبح فيما بعد علامة من نبوغه التمثيلي.

نور الشريف المخرج

لم يكتف نور الشريف بالتمثيل فقط، ولكنه اتجه أيضًا إلى مجال الإخراج، ونجح فيه إلى حدّ كبير، وذلك عندما قدّم فيلم "العاشقان"، والذي حصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير، كما حصل نور الشريف نفسه خلال مشواره الفني الطويل على عشرات الجوائز المهمة، من بينها جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم "ليلة ساخنة" مع الفنانة لبلبة، وعلى جائزة مهرجان نيودلهي عن فيلم "سواق الأتوبيس" مع الفنانة ميرفت أمين، والفيلمان يحملان توقيع المخرج الراحل عاطف الطيب.